بعد نيل فيلمها "كفرناحوم"، والذي يعني الجحيم والخراب بالأدب الفرنسي، جائزة لجنة تحكيم مهرجان كان السينمائي بدورته الـ71، والزغاريد التي أطلقتها فرحاً لهذا الفوز، خصت المخرجة اللبنانية نادين لبكي مجلة زهرة الخليج بحوار تحدثت فيه عن فريق عمل الفيلم والجائزة التي حازها، وردت خلاله على الانتقادات التي طالت نجاح فيلمها، كما كشفت عن بعض التفاصيل من كواليس تصوير الفيلم، فضلاً عن تفاصيل أخرى. "لم يخب أملي على الإطلاق، لا بل كنت مستعدة لكل الاحتمالات من بينها عدم الفوز"، هكذا ردت المخرجة اللبنانية نادين لبكي لدى سؤالنا لها عما إذا خاب أملها بعدم نيلها السعفة الذهبية التي كانت ستجعل منها ثاني امرأة في تاريخ "مهرجان كان" تفوز بالجائزة، وأول مخرجة عربية تنالها، لاسيما أن فيلمها حاز إعجاب الجمهور الذي منحه 15 دقيقة تصفيق. "صحيح أن التوقعات كانت كبيرة بفوز الفيلم بالسعفة الذهبية، وأنا شخصياً كدت أصدق ذلك على الرغم من أنني أدرك تماماً كيفية فوز الأفلام في مثل هذه المهرجانات السينمائية"، تقول نادين وتوضح "من السهل جداً أن تنتزعي إعجاب قرابة ألفي شخص من أن تحصدي إعجاب أعضاء لجنة تحكيم لا يتخطى عددهم الـ8، يكفي ألا يحب شخص واحد منهم الفيلم حتى يفقد فرصته بالفوز". هدف أسمى سعادة نادين بالفوز عارمة وهي ما عبرت عنه من خلال "الزلغوطة" التي أطلقتها بشكل عفوي بعد إعلان فوز فيلمها، تقول نادين: "زغردت من فرحتي. وسعادتي اليوم ليس بالجائزة التي نالها الفيلم فحسب، بل أيضاً بالنجاح الذي حصده جميع أفراد فريق العمل ومنهم الممثلون. تخيلي أنهم قبل مدة غير بعيدة، كانوا أشخاصاً مجهولين لا أحد يعرفهم، يعيشون على هامش هذه الحياة، بمأساة حقيقية". تؤمن نادين بأن السينما إلى جانب رسالتها الترفيهية، يجب أن تحمل هدفاً أسمى، ففي فيلمها "كفرناحوم" أرادت بحسب تعبيرها، أن تسلط الضوء على "مأساة شريحة كبيرة من الناس تعيش في ظروف صعبة جداً ووسطنا ولا ننتبه إليها، قد تمر بجانبنا ولا نلتفت لها"، في رأيها، نجحت في إيصال الرسالة، إذ أخبرتنا نادين عن تلقيها اتصالاً من امرأة شاهدت الفيلم، عبرت لها خلاله عن تأثرها بالقصة لدرجة أنها توقفت أمام طفل في الشارع وتحدثت معه بعدما أجرت مقارنة بينه وبين بطل الفيلم الطفل زين الرفاعي. تقول نادين: إن قصة زين في الفيلم لا تختلف كثيراً عن واقعه، باستثناء أنه في الفيلم هو طفل من دون جنسية يقاضي أهله الذين أهملوه، في حين أنه في الواقع لاجئ سوري ولديه أهل يحبونه جداً ويهتمون به، لكن ظروفهم الصعبة حالت دون توفير له الحياة التي تليق بكل طفل، ومن بينها المدرسة. الجحيم والخراب وعن كيفية اختيار اسم "كفرناحوم" كعنوان لفيلمها، تخبر نادين أنها عندما بدأت كتابة الفيلم كتبت كل المواضيع التي تريد أن تتناولها في فيلمها على لوح، ثم نظرت إلى النتيجة وصرخت بالفرنسية "كفرناحوم" وهي كلمة تعني بالأدب الفرنسي الخراب الشامل والجحيم. وعن الصعوبات التي واجهتها خلال تصوير الفيلم، تكشف نادين أن الفيلم استغرق تصويره ستة أشهر وفي أصعب المناطق وأكثرها بؤساً في لبنان "دخلنا أحياء أقل ما يمكن وصفها أنها كالجحيم، ووصلنا إلى مناطق لم نتوقع أن هناك أحياء يعيشون فيها. كنا نصور "بالوسخ" ووسط المجارير. كما أصبت بمرض أدى إلى تورم عيني وارتفاع درجة حرارتي، فارغمنا على إيقاف التصوير لمدة أسبوع كامل. حتى فريق العمل عانى جداً خلال تصوير الفيلم". تؤكد نادين أنها تعمدت ترك كل شيء كما هو، لم تصنع ديكوراً خاصاً للفيلم، بل نقلت الواقع كما هو بكل أحزانه وأوساخه ومأساته ورسوماته ودماره وخرابه، حتى إنها داومت في زيارة العدلية لحضور جلسات محاكمة بهدف الاطلاع على كيفية تعاطي الناس مع قضايا المهمشين. حرية الانتقاد أما بشأن الانتقادات التي طالت فيلمها فتقول نادين: "لا يمكنني أن أعجب كل الناس، والإنسان حر في أن ينتقد ما لا يعجبه" وتتابع متوقعة أنه مع عرض فيلم "كفرناحوم" على شاشات السينما العربية، فإنه لن يحظى بإعجاب الجميع، لاسيما أولئك الذين يرفضون الاعتراف بوجود مأساة حقيقية يمثلها أبطال الفيلم بكل شرائحهم. نصرة النساء ولدى سؤالها عن رأيها في التظاهرة السلمية التي قادتها رئيسة لجنة تحكيم "مهرجان كان" كايت بلانشيت بهدف المطالبة بالمساواة بين الجنسين، أوضحت نادين أنها تدعم أي حركة تدعو إلى مناصرة النساء ورفع الظلم عنهن، رغم أنها بتجربتها الشخصية لم تواجه كامرأة أي ظلم في مجال عملها معترفة بأن الإخراج مجال صعب بالنسبة إلى الرجال والنساء على حد سواء.