بحسب تتبّعي في السنوات الأخيرة المرتبط باهتمامي الدائم حول السينما السعودية بمختلف أنشطتها، فإنه يمكنني القول إنه في مجال التأليف السينمائي وإصدار الكتب لدينا حتى الآن (خمسة كتب سينمائية) تزامنت غالباً مع حركة السينما السعودية وصناعة الأفلام التي انطلقت مطلع الألفية الجديدة وتحديداً منذ منتصف عقدها الأول. وقد حرصت خلال الأيام الماضية على قراءة هذه الكتب للوقوف على مستواها وقيمتها التي يمكن أن تضيفه، سواء للقارئ السعودي أم المكتبة العربية إجمالاً. ولذا فإنني سأتحدث عنها هنا تباعاً حسب زمن إصدارها الذي لا يبدو بعيداً، حيث لن نذهب لأكثر من عشر سنوات ماضية! البداية كانت مع الكاتب والناقد السينمائي خالد ربيع السيد، حينما أصدر عام 2008 كتابه الأول «الفانوس السحري» - لاحقاً أتبعه بالجزء الثاني 2014 في قراءة لمجموعة أفلام خليجية - بينما أصدر 2008 أيضاً «فيلموغرافيا السينما السعودية 1977 - 2007»، كأحد إصدارات وفعاليات مهرجان الأفلام السعودية. في كتابه «الفانوس السحري» حاول المؤلف تتبّع أبرز مراحل السينما منذ بدايتها مع عصر الريادة كما أطلق عليه ثم عصر الأفلام الصامتة ثم عصر ما قبل الحرب العالمية الثانية ليبدأ ما سماه بالعصر الذهبي مطلع الأربعينات، ثم الانتقالي فالفضي فالعصر الحديث، وأخيراً عصر التكنولوجيا الحديثة، متعرّضاً فيما بعد للسينما الهندية والمصرية قبل أن ينتقل لعدد من القضايا السينمائية وبعض تجارب المخرجين وموضوعات في السينما العربية، متخذاً من الأسلوب المبسط والمختصر وسيلة للطرح بعد أن كتب مقدمة شيّقة عن علاقته بالسينما منذ الطفولة، مضمّناً الكتاب عدداً من مقالاته السابقة في الصحف. ثم في العام نفسه 2008 أصدر الدكتور فهد اليحيى كتابه «كيف تصنع فيلماً.. مدخل إلى الفنون السينمائية»، حيث هدف المؤلف إلى التوجه لهواة صنّاع الأفلام، متحدثاً بالتوضيح والصور عن أهم الأدوات التي عليهم أن يعرفوها، إضافة إلى قائمة من المصطلحات السينمائية التي عرف بها بشكل لافت، مدعّماً ذلك بالصور والرسومات كالتصوير والإضاءة والمونتاج والديكور والأزياء والخدع والمؤثرات والإخراج وغيرها الكثير، بعد مقدمة جميلة أيضاً عن علاقته بالسينما منذ الصغر. وفي عام 2012 أصدر الكاتب طارق الخواجي كتابه «قلعة الأنمي.. تجربة اقتحام»، وعلى الرغم من تخصص الكتاب بالأنمي الياباني، إلا أنه تعرّض للكثير من أفلام السينما اليابانية والشهيرة في ثنايا بحثه الكبير والاستقصاء اللافت حديثاً وتحليلاً، والذي يجعل الكتاب فريداً من نوعه وإضافة مهمة للمكتبة العربية، تراكمت فيه المعلومات التي وضعها في فصول عدة تتناول تاريخ الأنمي والمانجا منذ بدياته، وأبرز تصنيفاته وثيماته الرئيسية وأهم رموزه في الكتابة والإخراج. ثم في عام 2016 تصدر الناقدة والمخرجة هناء العمير استجابة لفعاليات مهرجان الأفلام السعودية في دورته الرابعة، كتابها المميّز وعياً وتحليلاً والذي خصصته لسيرة وأفلام المخرج الياباني الكبير أكيرا كوروساوا، بعنوان «ساموراي السينما اليابانية»، ليشكل إضافة جديدة أيضاً للمكتبة العربية، حينما تناولت بكتابة رشيقة وممتعة أبرز 15 فيلماً للمخرج الكبير كوروساوا، بجانب ذكر شيء من حياته وعلاقاته الفنية مع من سمتهم بمجموعة كوروساوا من مخرجين وكتّاب ومصورين، قبل أن تختتم الكتاب بترجمة الحوار الذي دار بين كوروساوا والروائي الشهير غارسيا ماركيز. وأخيراً في عام 2017 يقدم الكاتب والناقد السينمائي حسن الحجيلي كتابه «السينما الجديدة.. تأملات في موت السينما بعد سيطرة الثورة الرقمية»، والحقيقة أن الكتاب يحوي عدداً من موضوعات وقضايا السينما المهمة والحديث عن المخرجين، وسرد لقائمة بأهم الأفلام السينمائية أكثر مما يدل عليه العنوان! الذي أسهب فيه الكاتب بشكل لافت حول أثر السينما الرقمية على شكل الفيلم والسينما الحديثة، مختتماً كتابه بفصل شيّق ومهم بعنوان «التذوق السينمائي» الذي ذكر فيه قائمة مختارة تمثل توصيته الخاصة بالمشاهدة لعدد من أبرز وأهم الأفلام منذ بداية السينما. وربما بعد هذا السرد السريع والمختصر، يمكنني الحديث باقتضاب أيضاً عن أبرز ملاحظة ربما تمثل أيضاً مشكلة في طريقة التأليف إجمالاً مما يتحقق وجودها بدرجة متفاوتة ما بين كتاب وآخر.. وهي غياب المنهجية المحكمة في التأليف، حيث تبدو الكتابة بشيء من العشوائية وعدم الانتظام في ترتيب الأفكار، أو تسلسل الموضوعات والوقوع في فخ التكرار والاستطراد المربك وغير المفيد، واجترار بعض الأفكار خلال ثنايا الكتاب وربما التعويل على مجموعة المقالات السابقة للمؤلفين أسهم في تعزيز هذه المشكلة، فضلاً عن عدم الطرح الكافي أحياناً لبعض الموضوعات، واستفراغ الجهد في التقصّي حولها قبل الوصول إلى نتيجة ما!