رمضان في الطفولة والشباب والكبر، رحلة طويلة من الذكريات بين الماضي والحاضر، بين دبي منذ 50 عاماً ودبي اليوم، بين البيوت البسيطة وناطحات السحاب. مع الملحن الإماراتي إبراهيم جمعة، نعيش ذكريات رمضان في زمن مضى، ورمضان هذا العام. لقاء الأصدقاء يقول إبراهيم جمعة: «رمضان فرصة بالنسبة إليّ لكي ألتقي أصدقائي منذ أيام الطفولة والشباب، منهم من سافر للدراسة والعمل في الخارج، ومنهم من بقي هنا، وفي رمضان نجتمع ونسترجع ذكريات سنوات مضت. نجتمع بعد صلاة التراويح يومياً، نلعب «الورق» ونتناول سحورنا في بيت أحد الأصدقاء، والجميل أن جميع الأصدقاء يحرصون على الحضور ولا يتغيب إلا من غيبه الموت». ويكمل: «بعد التراويح وحتى منتصف الليل نسهر في بيت صديق، وبعد منتصف الليل ننتقل إلى بيت صديق آخر، ونظل نلعب حتى السحور ونغادر الساعة الثالثة صباحاً. وللعلم أنا أحرص على لقاء أصدقائي من أبناء الحي الذي نشأنا وتربينا فيه، وفئة أصدقاء الدراسة والعمل، وفئة ثالثة تعتبر الأصغر سناً بمعدل خمس سنوات تقريباً». ويعترف إبراهيم جمعة: «رمضان زمان كان أحلى كثيراً، لم تكن لدينا مسؤولية إطلاقاً، كنا نسهر ونلعب ونحن في عمر الست سنوات، وكنا نصلي التراويح في المسجد». ويستطرد جمعة قائلاً: «لعبتنا المفضلة كانت «يوريد»، وألعاب أطفال متنوعة، كنا نستمتع برمضان، وخصوصاً في فترة الغروب قبل موعد الإفطار بقليل عندما كانت أمي ترسلني بطبق من أطباق رمضان، هذه كانت طبيعة أبناء الحي أيام زمان، فالمنازل متوارثة، والناس يعرفون ويعيشون مع بعضهم منذ سنوات طويلة، وتبادل الأطباق الرمضانية سمة من سمات أهل الحي». ذكريات وما زلنا مع ذكريات رمضان، كما يرويها جمعة، ويقول: «في النصف من رمضان يبدأ المسحراتي في التجول في الفريج وقت العصر، مرتدياً قبعة طويلة مزخرفة بشكل جميل، اكسسوارات كثيرة جداً، وكان يركب «الحمار»، ويضع «الخرج» على ظهر الحمار ويضع فيه ما يجود به عليه أهل الخير من أبناء الحي، من يعطيه أرزاً أو سكراً أو فواكه أو لحوماً، وهو يردد: «الله يعطي من عطانا الله يغني من غنانا، هذا كله اختفى في هذا الزمن الذي نعيشه الآن». طقوس عن طقوسه في رمضان زمان، يقول جمعة: «كنت أذهب إلى المدرسة صباحاً، وعقب العودة أصلي في المسجد، ولا أنام نهاراً عقب عودتي من المدرسة، وأذهب مع زملائي إلى البحر لكي نصطاد الطيور وأبرزها طائر النورس، والنورس أنواع، منها نوع يسمى «حريش»، و«حصنية». ونصطاد طيوراً، و«معظه»، هذا كله قبل المغرب، ثم تبدأ مرحلة توزيع الأطباق في الحي، ونتناول الإفطار في المنزل، ونخرج بعد صلاة التراويح، نلعب «تحتية» وهي المعروفة بـ«الطاقية» و«حبيل حبال» و«يوريد». أما عن الأطباق الرمضانية، فيقول جمعة: «في رمضان لا نشتري أطعمة من الخارج، كل بيت لديه أطباقه المفضلة، ونتبادل الأطباق طبق«الساجو» وطبق «عصيدة» وطبق «هريس»، هذه الأطباق تتبادلها الأسر، مما يخلق حالة من التنوع على المائدة الرمضانية في بيوتنا، كلها أطباق شعبية إماراتية، ولا مكان لأطباق الجاتوه والحلويات الغربية».