أشخاص بمناصب ومسميات واختصاصات وظيفية مختلفة تذوب الفروقات بينهم بمجرد دخولهم فريقاً واحداً في مناسبة رياضية أو منافسة معينة، وفي الوقت ذاته يأتي أصدقاء اللاعبين يوم المنافسة ليصبح بينهم انسجام وقاسم مشترك هو الهتاف للفريق وتشجيعه بعفوية، على الرغم من أنهم قد يكونون لم يلتقوا مسبقاً. استوقفتني هذه المشاهد في بطولة الألعاب الحكومية التي شهدتها دبي مؤخراً خلال تشجيعي لفريقي على الأرض، وهي مشاهد تتكرر أمام أعيننا لكننا قد لا ندقق فيها لانشغالنا.

لست هنا للتنظير في علوم الإدارة أو أحدث أساليب بناء فريق يتحلى بروح العمل الجماعي، لكن لنفكر سوية في عفوية ظهور روح الفريق بـأحسن صورها في مثل هذا النوع من الأنشطة، مقابل ما يحدث في غالبية المؤسسات حول العالم، التي تنفق مبالغ طائلة في التدريب ودورات الموارد البشرية لتحقيق بيئة مثالية من العمل الجماعي ولكن كثير من هذه الجهود لا يتجاوز باب قاعة التدريب ليعود كل واحد للعمل لوحده فما هي الحلقة المفقودة؟

كنت مع فريقي في موقع انعقاد بطولة الألعاب الحكومية وتضمّنت مجموعتنا عدداً من الزملاء من مختلف الإدارات وشملت الخريجين الجدد الذي التحقوا بأسرة دبي الذكية حديثاً وكنّا نحن وكثيرون حولنا نتصرف بعفوية هي امتداد لما نجحنا في بنائه ضمن بيئة العمل، فكنّا نهتف للفريق ونشجعه لتجاوز التحديات والفوز. وقد غمرني عديدون بملاحظاتهم حول وجودي مع الفريق والهتاف له، ولكن كانت الإشادة تحمل شيئاً من الاستغراب لديهم كأن هتاف المدير العام لفريقه على الأرض شيء غير مألوف، وهو ما جعلني أفكر بما الذي أثار استغراب من رآنا.

الحلقة المفقودة التي تحد من نتائج جهود بناء روح الفريق هي وضوح الهدف الواحد في أذهان جميع أعضاء الفريق من جهة، وجعل المعاملة الإنسانية العفوية جزءاً لا يتجزأ من سياسة الإدارة في أي مؤسسة مهما كانت مدرسة القيادة التي تختارها الإدارة من جهة أخرى. فروح الفريق تحتاج روح الإنسانية مفتاحاً لها حتى تنجح.

في الإمارات نحن محظوظون بقيادة إنسانية اتخذت من القدوة الحسنة واحدة من أهم أدوات تحقيق الرؤى والخطط الاستراتيجية وهو ما نجح سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي بترجمته في دبي بإطلاق منافسة الألعاب الحكومية لترسيخ مبدأ العمل الجماعي وروح الفريق الواحد بين موظفي الحكومة وحمله شعار المنافسات (فريق1 هدف1)، ليذكرنا أن ما نحتاجه هو وضوح الهدف واستثمار قدرات الفريق بتنوعها وغناها لتحقيقه. في كثير من الأحيان ما يفوتنا يكون تحت أعيننا ولكن ننشغل عنه بالبحث بعيداً. فتحقيق روح الفريق والعمل الجماعي لا يتوقفان على حجم الميزانيات المخصصة ولا كثرة الدورات التدريبية على الرغم من أهميتها كجزء من المعادلة، لكن الأهم هو العثور على روح الإنسانية في قيادة المؤسسات لتتمكن هذه القيادة من إطلاق الطاقات الكامنة عند الفريق، لا تبحثوا عن روح الفريق فقط بل احرصوا على روح الإنسانية في بيئة العمل فهي المفتاح.