لم يُعد ممكناً تصفّح أي موقع إلكتروني أو صفحة تواصل اجتماعي عربي، إلا وتكون الأخبار الأكثر بروزاً هي أخبار «الشتائم والإهانات والصراعات» بين الفنانات والشخصيات المشهورة، من ممثلات ومغنّيات ومذيعات. لم تعد لدى أغلب «سيداتي وآنساتي وسادتي» من المشاهير، سوى الخلافات عالية الصوت، والمؤذية للبصر والسمع بكل أشكال وأنواع الأذيّة. ويكاد لا يمرّ يوم إلا والخلافات والمعارك الحامية تنتشر، وتغذّي الصفحات الإلكترونية، والفيديوهات المسجّلة بالصوت والصورة. وأغلب هذه الخلافات، تبدأ بحوار على شاشة تلفزيون ما، فتأتي الردود على «يوتيوب» و«سناب شات» و«انستجرام» و«فايسبوك» و«تويتر». ثم تقوم المواقع الإخبارية الإلكترونية «بواجباتها الإعلامية»، فتنقل وقائع المعركة مع إضافات وتوابل، تشعل المعركة أكثر فأكثر. ونتسلّى نحن بالمتابعة، مستفيدين من «معركة النميمة» المتبادلة. ماذا قلت؟ مستفيدين؟ وأين الفائدة؟ بل أين الرقيّ والاحترام؟ هي معارك وهمية و«دون كيشوتية». تستفيد منها الفنانة فلانة، والمذيعة علتانة. تزيد نسبة التصفّح العام، وبالتالي تحصل على المزيد من المتابعين، فيتحول هؤلاء إلى أرقام في الإحصاءات، وتترجمها شركات الإعلانات إلى مال وفلوس. إيرادات مالية كبيرة، يقبضها الفنانون باسم الجمهور والـ«فانزات». هي بكل بساطة ووضوح، عملية ترويج كاملة المواصفات. لكنها سلبية وتسير بعكس المنطق، والمستوى العام للذوق واللياقة.

هي عملية ترويج سلبي متفق عليها، ومدروسة جداً، ومطلوبة بالاسم والفعل والتفاصيل. ويبدو أنها صارت حـِرفة، ومن لم يجد من يطلبها منه، صار يفتعلها ليشير إلى من يهمّه الأمر قائلاً، أنا هنا. تماماً كمن يعرض بضاعته مشيراً إليها بالاسم والشهرة. صارت الأمور مفضوحة، وبالوقت عينه مُخجلة. فقد تابعنا طويلاً مسلسلات المذيعة الكويتية حليمة بولند. ثم خلافات المغنّية الشابة حلا الترك، وخلافات والدها ووالدتها، وزوجة أبيها المغنّية المغربية دنيا بطمة. وتناقلت المواقع وصلات الردح المتبادل بين جميع الأطراف. وعندما هدأت الأمور، عادت أخبارهم إلى الواجهة بشكل مفاجئ، عندما قرّرت الطفلة الموهوبة، الانتقال للعيش مع والدتها. أي أن الطاولة انقلبت رأساً على عقب. طبعاً خلافات بدرية أحمد والمذيعة مي العيدان، وهي لم تكن انتهت من خلافات أخرى مع الممثلات فاطمة الحوسني وهدى الخطيب وسعاد علي.

وهل أحكي لكم عن خلافات فنّية، تبدأ صغيرة وتُروّج لها الصحافة بإيعاز ربما من أصحاب الشأن؟ مثل خلافات الفنانة هيفا وهبي والمنتج محمد السبكي، ومنعها من التمثيل في مصر؟ ثم الحل الذي جاء سريعاً، وتبيّن أنه أتى بفائدة للعمل الدرامي الذي كان موضوع الخلاف؟ فلّة الجزائرية مطربة الجزائر، افتعلت مرات ومرات خلافات إعلامية مع المطربة التونسية لطيفة العرفاوي. ثم اعتزلت الغناء، وعادت عن قرار الاعتزال بحلقة تلفزيونية. هم يفتعلون الخلافات، لأنهم لم يعد لديهم ما يقدمونه في الفن، ليلفتوا أسماع وأنظار الجماهير. صارت الخلافات أكثر ضجيجاً من الأعمال الفنية في حدّ ذاتها. وأسباب انفصال نادين نسيب نجيم عن شريكها في مسلسل «الهيبة» الفنان تيم حسن، أكثر ما أثار الفضول الصحفي حول المسلسل. وتغيّب الفنان تيم حسن المفاجئ في اللحظة الأخيرة عن حضور حفل توزيع جوائز الـMurex D'or، أثار الفضول الصحافي أكثر مما لو كان حضر ليتسلّم الجائزة. المضحك، أنها تمثيليات تُلاقي رواجاً أكثر من الأعمال الدرامية التي يقدمونها لنا في مسلسلات وبرامج من عشرات الحلقات التلفزيونية المكلفة.