ليس مطلوباً من الدراما، ولا سيّما الرمضانية أن تختفي وراء الإنكار، فيما يتعلق بواقع المرأة العربية، وحقوقها، والإكراهات التي تواجهها، ثقافياً واجتماعياً، ولكن ذلك لا يعني تجاهُل القيَم التربوية، والدَّور التنويري للفن في تنمية المجتمعات، وتقدمها. الأكثر رواجاً صورة المرأة الخاضعة المستسلمة للرجل في الأعمال الدرامية، بعضها يروي تاريخاً، قبل تأسيس الدول والتعليم والإنجازات الحقوقية، لكنه يُقدم للأطفال واليافعين، كأنما هو الواقع الذي يجب أن يكون، ويظهر ذلك كثيراً ومتكرراً في الأعمال الرمضانية الخليجية والسورية والمصرية، منذ سنوات. تشاهد المراهقات والمراهقون هذه التجارة المرغوبة والجذابة لدى كثير من المشاهدين. يرفع الرجل يده في هذا المسلسل ليصفع زوجته أو شقيقته، ويدخل إلى البيت في مسلسل آخر، ليصرخ أن الطعام غير جاهز، ويلومها بحدّة وتعنيف على التقصير في دورها الأساسي: الطبخ ورعاية شؤونه، ليس أكثر. وفِي مشهد آخر، يجلس في صالة المنزل مُشاهداً التلفزيون مع أولاده الذكور، في حين تنهمك الأم وبناتها في تجهيز مائدة الطعام. لماذا يستمر تقديم المرأة التي تطبخ، وتُصفع، وتهان، وتكيد المكائد، وغير ذلك من الأدوار التي سجنتها فيها ثقافة قديمة، ودراما سعيدة بإعادة إنتاجها؟. إذا كان هذا هو الواقع، وهو ليس كذلك تماماً، فأين هي مسؤولية الكتّاب والمخرجين والمنتجين في نقد هذه الصورة ومحاولة تغييرها، من خلال إعلاء شأن صورة المرأة المتعلمة، والمناضلة دفاعاً عن بلادها، والعالمة، والمبتكرة، والأستاذة الجامعية، والإعلامية والدبلوماسية، وفِي كل مجال كانت فيه نساء مُبدعات ومختلفات، خارج النّمَط، وخارج السجون الواقعية والدرامية. في كل دقيقة بَثّ تلفزيوني، وفِي كل سطر في صحيفة أو مجلة، يتسع المجال لتقديم المفيد والواعي. والدراميون العرب مطالبون بوقف اللهاث وراء نسب المشاهدة، على حساب كيان المرأة وإنسانيتها ودورها. أقول هذا، ليس مَدْخلاً لمسابقة «نساء ملهمات» رمضانية، التي تقدمها «زهرة الخليج» بدءاً من هذا العدد، فالقضية لا تتعلق بالتنافس الإعلامي بين المطبوعات، ولا برفع أرقام التوزيع، إنما للتأكيد على أهمية الاحتفاء بالأدوار الملهمة للنساء العربيات في تاريخ أمّتنا وحاضرها، وتقديمهن نماذج مُشرّفة للمرأة العربية. «نساء ملهمات» أبْعَد من مسابقة في مجلة. إنها من أجل المحتوَى الذي نتذكر من خلاله أيقونات حيّة في حياتنا..