لا تقتصر ظاهرة إهدار الطعام على دول العالم فحسب، بل تطول أيضاً الدول العربية، حيث يزداد انتشارها خلال شهر رمضان المبارك، مع إقامة الولائم وتقديم كميات ضخمة من الطعام، يذهب أكثر من نصفها إلى القمامة، في وقت يعاني عدد كبير من الناس الجوع والفقر المدقع. هذه الآفة الاجتماعية دفعت المجتمعات الدولية والمحلية بمن فيهم الأفراد والمؤسسات إلى إطلاق مبادرات بهدف وضع حلول وخطط لضبطها قدر المستطاع، ومنها «بنك الإمارات للطعام». جمع فائض الطعام يُرسّخ «بنك الإمارات للطعام»، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي (رعاه الله)، في الرابع من يناير 2017، قيمة العطاء والمسؤولية الاجتماعية والعمل التطوعي على الصعيدين الفردي والمؤسساتي، من خلال جمع فائض الطعام من الفنادق والمطاعم وأسواق بيع منتجات الأغذية ومحلات السوبرماركت والمزارع وغيرها، وحفظه وإعادة توزيعه على المحتاجين داخل الدولة وخارجها، بالتعاون مع شبكة من المؤسسات الإنسانية والخيرية المحلية والدولية. نجح «بنك الإمارات للطعام»، منذ إطلاقه قبل أكثر من عام، في جمع وتوزيع ما يُقارب الـ2374 طناً من فائض الطعام على الفئات المحتاجة والأقل حظاً في المجتمع، كالعمّال والأسر المتعفّفة، بحسب ما أوضحت ضابط تفتيش غذاء أول في إدارة سلامة الغذاء في بلدية دبي ميثاء ثاني المري. التعاون مع 13 جمعية خيرية وعن عملية جمع الطعام وتوزيعه، توضح المري أن لـ«بنك الإمارات للطعام» 35 شريكاً، بينهم فنادق ومحلات سوبرماركت ومزارع ومصانع وغيرها، يتبرعون بمأكولات تُصنّف جافة، كالمعلبات والحبوب والبقوليات والباستا والمخبوزات، فضلاً عن العصائر والحليب والمياه المعدنية والخضراوات والفاكهة. وتتابع المري مشيرة إلى أن البنك يتعاون مع 13 جمعية خيرية مُوافَق عليها من قبل دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، في عملية توزيع المأكولات على المحتاجين بعد تسلُّمها من مراكز بنك الطعام. 80 ثلاجة موزعة في دبي وتُشدّد المري على أن «بنك الإمارات للطعام» يتبع معايير صارمة حدّدتها إدارة سلامة الغذاء في بلدية دبي في عملية جمع الطعام، إذ تشير إلى ضرورة التزام جميع المتبرعين بالطعام بمعايير الجودة والنظافة في عملية تغليف ونقل وتسليم الطعام، «لأننا لا نقبل بتسلُّم أي طعام مسّتهُ الأيادي، أو جرى تغليفه بطريقة خاطئة وغير سليمة» وفق ما أضافت. كما أوضحت المري أنه يتم تفادي تَسلُّم الوجبات المطهوّة من الولائم والحفلات، باعتبارها ذات خطورة عالية، لكن أحياناً يتم قبولها وفق شروط محددة جداً. وكشفت المري أيضاً عن وجود 80 ثلاجة موزعة في أماكن عدة في دبي، يمكن للأفراد والمطاعم إيداع وجبات صغيرة فيها. طلب المساعدة من متطوعين «نحتاج دائماً إلى متطوعين لمساعدتنا، لا سيّما عند تنظيم الفعاليات التي نجمع ونوزع خلالها المأكولات بكميات كبيرة». تقول المري وتضيف «ننظم دورات تدريب نُعرّف خلالها المتطوعين على آليّات حفظ وتغليف الأطعمة وفق الضوابط والشروط المحددة، وكيفية المشاركة في توزيع وجبات الطعام على المحتاجين». ودعت الأفراد الراغبين في التطوع وتقديم المساعدة إلى الاتصال بهيئة تنمية المجتمع لتسجيل أسمائهم كمتطوعين، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنه في إمكان الأفراد الراغبين في التبرع بفائض الطعام لديهم الاتصال ببنك الطعام، حيث يتم تزويدهم بأرقام الجمعيات الخيرية المؤهّلة لجمع المأكولات ونقلها. نصائح وعن كيفية الإسهام في الحد من هَدْر الطعام خلال شهر رمضان المبارك، أوضحت المري ضرورة أن يلتزم الناس بوضع لائحة بالمشتريات قبل الذهاب إلى السوبرماركت، لتفادي شراء سلع ليسوا في حاجة إليها، مشددة على عدم الوقوع ضحية الخصومات التي تشجع على شراء مأكولات بكميات كبيرة قد تفوق احتياج الشخص إليها. كما تنصح المري بتنظيم خزائن الطعام في البيوت وترتيب المأكولات وفق تاريخ انتهاء صلاحية استهلاكها لاستخدامها بدل رميها لاحقاً.