غريب أمر المهرجانات الفنية العربية واللجان التحكيمية فيها. وهذا الكلام يشمل كل المهرجانات، سواءً أكان في لبنان أم الخليج أم مصر أم حتى دول المغرب العربي.

العادة، أن يمنح المهرجان جوائز تكريمية لنجوم مشاهير، يعرفهم الجمهور وتتابع الصحافة أخبارهم. فالأسماء تتكرّر في كل مكان، خصوصاً في المهرجانات الاستعراضية. والمقصود بالمهرجانات الاستعراضية، التي توجّه الدعوة للنجوم والمشاهير، فقط ليكونوا حاضرين من دون سبب فني واضح.

فبعض الحضور في هذه المهرجانات، يكون فقط لمجرّد الحضور وتوجيه الأنظار نحو المكان. ومع «البيعة» تكون لهم جائزة تكريمية لا مُوجَب لها. هي مجرّد جائزة ترضية، وعربون شكر للفنان الشهير على الحضور. لكن تكريم بعض الأسماء الكبيرة يكاد يكون معدوماً لا لشيء سوى أن هذه الشخصيات لا تُحسن رسم علاقاتها مع المديرين القائمين على المهرجانات.

ألا يدعو للغرابة أننا لا نجد الممثل الكبير سلّوم حداد مثلاً بين أسماء المكرّمين والمدعوين للمهرجانات الدرامية والسينمائية؟ ألَا نستغرب ألّا نرى حياة الفهد أو سعاد عبد الله مثلاً في مهرجانات لبنان ومصر والمغرب والجزائر وتونس؟ ألا يُثير الفضول تجاهل المطربة نوال الكويتية في جملة المهرجانات اللبنانية والمصرية والمغاربية؟

وأذكر أني خضت معركة منذ سنوات في لجنة الـMurex D’or، حتى وضعت اسم المطربة نوال الكويتية قيد التداول والتصويت، لنتفق بعدها كلجنة تحكيم موسيقية، تضم اختصاصيين، على منحها جائزة أفضل مطربة خليجية. وكانت الأنظار في السابق تتجه نحو الفنانة أحلام وحدها دون غيرها. في المغرب العربي موسيقار ومطرب كبير جداً اسمه عبد الوهاب الدوكالي. له تاريخه الحافل بالنجاحات الغنائية والموسيقية في وطنه، وعموم البلاد المغاربية.

ومع ذلك، لا يفكر أحد في مصر أو لبنان في دعوته لتكريمه، وقد بلغ من العمر عِتِيّا. والدوكالي في عصره، كان نجماً كبيراً، وله تاريخه الجميل بالألحان والأغاني. وقد أعاد نجوم كثيرون تسجيل أغانيه وألحانه بأصواتهم. ومنهم على سبيل المثال الراحلة صباح، التي سجلت بصوتها أغنيته الشهيرة «مانا إلا بشر».

أيضاً المغربي القدير عبد الهادي بلخياط، صاحب الأغنية الشهيرة «بيني وبينك خصومة»، التي سجلها بصوته الفنان اللبناني وليد توفيق. في تونس أيضاً أسماء وأسماء، كلها تستحق التكريم والتقدير. ممثلون، ملحنون، مطربون، كلهم لا تسأل عنهم المهرجانات، بل تكتفي بالمشاهير من ذوي الضجيج الإعلامي.

لا يهمّ أي نوع من الضجيج، المهم أن يكون الضوء متجهاً نحوهم وكفَى. أرجو أن يقوم «مهرجان دبي السينمائي الدولي»، الذي لن يُقيم احتفاليته هذا العام بداعي إعادة التقييم والبرمجة بشكل أفضل، بالانتباه إلى بعض الأسماء الكبيرة من الممثلين والمخرجين في الوطن العربي الكبير في الأماكن البعيدة عن مشرقه، كما القريبة منه.