يتزايد النقاش في المجتمع السعودي حول العباءة التقليدية السوداء، وهل هي من شروط الاحتشام، وإلى أي حدّ ستصمد أمام التطورات في التصاميم والأقمشة، وعن إمكانية تحولها إلى تراث، فضلاً عن سياقاتها الثقافية والدينية والاجتماعية، وذلك في إطار التفاعل مع رأي، طرحه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مؤخراً، إِذْ قال إن «العباءة ليست شرطاً للمرأة السعودية، لأن المهم هو الحشمة»، وأن «للسعوديات حق اختيار ارتداء العباءة».

وتوقعت رئيسة لجنة تصميم الأزياء بغرفة جدة، ومصممة الأزياء العالمية الدكتورة أميمة عزوز، أن تتحول العباءة الخليجية السوداء إلى «جزء من التراث بعد 10 سنوات من الآن» وقالت لـ«زهرة الخليج» إن «خطوط الموضة الحديثة حاولت الخروج بالعباءة إلى آفاق بعيدة لتواكب العصر، وتصبح أكثر مرونة وأناقة للمرأة العملية التي دخلت سوق العمل وباتت شريكاً أساسياً في صناعة التنمية».

زي تراثي

ولاحظت عزوز أن «العباءة قد تتوارى وتختفي مع الزمن لكنها ستبقى زياً تراثياً يسكن في وجدان الكثيرات، وربما تعود في المستقبل من باب الحنين إلى الماضي». وطالبت الرواد من مصممي الأزياء في الخليج بالعمل على تطوير أشكال عديدة من العباءة مع تعدد ألوانها حتى لا تندثر بشكل نهائي وكجزء من ماضينا وتاريخنا.

ولفتت إلى أن «الاحتشام ليس مرتبطاً بالعباءة فقط، بل هناك خطوط وتصاميم خليجية حديثة تواكب أحدث الصيحات العالمية، لكنها تحافظ على خصوصية المرأة الخليجية والعربية، وتجعلها أكثر احتشاماً وأناقة»، وأوضحت أن هناك سباقاً واضحاً من صناع الأزياء على ابتكار أشكال جديدة للعباية الملونة» متوقعة أن يحدث تغيير جذري في خطوط العباءات خلال الفترة المقبلة، توازياً مع تطبيق قرار قيادة المرأة للسيارة في شهر يونيو المقبل، حيث يسعى الجميع إلى ابتكار أنواع مفتوحة ومرنة تساعد المرأة على القيادة والصعود والنزول من السيارة بكل سهولة ويسر، وأشارت إلى أن الشغف والعشق للأناقة والجمال ظاهرة موجودة في الخليج منذ سنوات طويلة.

وأضافت: «المرأة بطبيعتها تميل إلى أن تظهر في أبهى صورة فهذه فطرة بشرية لا يستطيع أحد تغييرها، لذلك فهي تميل إلى التغيير بين كل فترة وأخرى، وهي سيدة قرارها في اختيار ما ترتديه»، مشددة على أن «كلام ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عكس الحقيقة الواضحة للجميع».

الكيمونو العصري

ترى الإعلامية وسيدة الأعمال ناهد أنديجاني أن «العباءة في السعودية فرضت اجتماعياً وليس شرعاً، وأن الحجاب الإسلامي يتمثل في الحشمة وعدم لفت الانتباه بالألوان والمكياج».

وتظهر أنديجاني في المناسبات والتسوق بعباءة عصرية ملونة يُطلق عليها (الكيمون) وهي عبارة عن جاكيت خفيف وطويل يصل إلى الركبة، مع تنورة أو بنطال.

وعلى الرغم من أن أنديجاني غير محجبة، فهي تفضل ارتداء ما يناسبها من العباءة، تقول: «منذ سنتين وأنا أرتدي العباءة المخصصة للمحجبات التي ترتديها النساء في بعض الدول العربية، كونها مريحة وأنيقة وأكثر عملية من العباءة الطويلة، وأعتقد أن العباءة بصورتها التقليدية ستختفي تدريجياً، خاصة في شهر يونيو المقبل، تزامناً مع قيادة المرأة للسيارة، وستستبدلها بأزياء مخصصة للمحجبات كما هي الحال في دول الخليج».

وتخالفها الرأي مواطنتها دعاء دحلان التي تؤكد أن «للمرأة السعودية خصوصيتها ولن تتخلى عن ارتداء العباءة إطلاقاً، كما هي الحال بالنسبة إلى المرأة الإماراتية التي ترى أنها ما زالت تحتفظ بزيّها على الرغم من الانفتاح الموجود».

حرية شخصية

رحاب سعد الهوساوي مقدمة برنامج «بلاك كوفي اليوتيوبي»، ترى أن «ارتداء العباءة حرية شخصية، وأن المرأة السعودية التي ارتدت العباءة عن قناعة، لن تتخلى عنها، والأمر ليس له أي علاقة بأخلاقياتها وتعاملها كما يدعي البعض»، وتقول: «إن المجتمع يربط تمثيل المرأة السعودية ووجودها خارج البلاد من خلال ارتدائها العباءة فقط من دون النظر إلى جمالها الداخلي وتعاملها».

الزِّي المحتشم

وعلق الكاتب والإعلامي كمال عبد القادر على الأصل في ارتداء المرأة العباءة، قائلاً إنه غير وارد شرعاً، مُعتبراً أن العباءة من البدع ومستحدثة، ويعتقد أن المرأة السعودية استغنت عن ارتدائها واللون الأسود تحديداً اليوم، وما ترتديه الآن سوى الزي المحتشم الذي لا يظهر مفاتنها، مطالباً بأن يُسن قانون خاص بالزي المحتشم فقط.

بقية الموضوع تجدونه في عدد "زهرة الخليج"