«لقد بحثت كثيراً عن تصنيف لما أغنّيه فلم أجد، لقد سألني الناس هل أنت رسامة أم مغنية أم موسيقية أم ماذا؟ فأخذتني الحيرة كيف أرد عليهم، أخيراً وجدتها. أنا حَكاءة هذا هو الجواب»، هكذا عرّفت الفنانة العالمية غالية بنعلي فنها. تقول غالية بنعلي عن نشأتها: «ولدت في بلجيكا، حيث تعارف والداي على بعضهما البعض أثناء الدراسة، في البداية كنت أتحدث الفرنسية التي تعلمتها في بلجيكا، باعتبار أن أسرتي كانت تخطط للبقاء فيها، لكن جئنا إلى الجنوب التونسي حيث كبرت، وبما أن أبي عمل طبيباً في الفنادق التي كان يؤمّها السياح من مختلف الجنسيات، فتكلمت الفرنسية والإيطالية والإنجليزية، وما إن صار عمري 19 عاماً حتى عدت إلى بلجيكا التي تتميز بتنوّع عرْقي وثقافي كبير، الأمر الذي أتاح لي التعرف إلى ثقافات متعددة، وفيها تعرفت إلى الغناء». الغناء في لحظات الخوف عن تجربتها الفنية تحكي: «بدأت الغناء منذ الصغر، مستلهمة هَدْهَدة أمي التي كانت تُجيد الغناء، وكنّا نسمعه منها منذ أن كنا يافعين، الأمر الذي جعلني أكتشف هذه الموهبة في نفسي، وعندما تغرّبت في بلجيكا كنت أغني لنفسي لأسرّيها لحظات الخوف». أما عن انطلاق شهرتها فتقول: «غنيت للبلجيكيين أغاني من تأليفي وتلحيني، فأطربهم ما سمعوا مني، فقالوا لي يومها إنني إذا غنيت في حفل فسوف نكون حضوراً فيه، فقلت لهم إنكم لا تعرفون لغتي، فكان ردّهم أن ذلك لا يهم لأن الغناء لغة الروح، وبعد ذلك شرعت بالغناء في الحفلات». حواديت الطفولة وفي تعليقها عن أن مَن يخرُج من ثقافته ويتطلع إلى ثقافة أخرى يضيع ويخسر نفسه، تنفي غالية: «بالعكس، جرّبت أن أغني لجمهور غير عربي، وحكيت لهم حواديت كنت أحكيها لعروستي في صغري، حكيتها لهم ببساطة، ليعرفوا أننا غير مختلفين عنهم إنسانياً، فقط نحن نفعل الأشياء بطريقة مُغايرة، فوجدتهم يسمعون ويفهمون ويحسّون ويحترمون. هذا الجمهور علمني الغناء بالإحساس». إصلاح السمع للقلوب وتقول بنعلي: «في مسيرتي الفنية الغنائية وجدت من يحبني، وأيضاً من يكرهني، وهؤلاء الذين كرهوني لم يتعرفوا إلى الروح التي بين جَنْبَيهم حتى يتواصلوا معي، لأنهم إذا أصلحوا السمع لقلبهم سيجدونني فيه، ذات مرّة كنت أغني في كنيسة، وبعد أن انتهيت جاءتني امرأة ألمانية وكلمتني في أذني بلغتها التي لا أعرفها، قالت لي كنت أسمعك وأفهمك على الرغم من اختلاف لُغَتَيْنا، وأنا فهمتها على الرغم من ذلك، وكانت تحضنني وتبكي، ذلك أن الإنسان عندما يُحكّم روحه وقلبه فسوف يَصِل غيره». ابن عربي عن علاقتها بابن عربي تُبين بنعلي: «إنّ كلماته فتحت قلبي على الآخَر، حيث كان يُقال لنا لا تُصبّحوا على مَن هُم من غير دينكم، فأخذتني أبيات ابن عربي إلى نَبْع السَّكينة والراحة، فغنيتها ليعرف الآخرون أن ديننا إنساني ومنفتح على كل الأجناس والديانات، فابن عربي حينما يقول: (لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي، إذا لم يكن ديني إلى دينه داني)، يلغي الحواجز والحجب ويَدْنِيك إلى فهم وتفاهُم إنساني عام يتأسس على الحب».