يُصنّف كتاب «اختلال العالم» ضمن لائحة أفضل الإصدارات الأدبية بالنسبة إلى الإعلامي طاهر بركة، فهو يجد أن المحتوى يستحق قراءته أكثر من مرة، إذ يلامس أسلوب الكاتب السلس غير المتكلف في إعادة طرح الأسئلة الوجودية المتعلقة بمفاهيم الهوية والحضارة، في إطار سردي لكثير من محطات التاريخ العربي المعاصر، التي وإن كنا نعرف أحداثها، إلا أن قولبتها بطريقة معلوف في فهم التاريخ وتأثيراته في المجتمع ومكانته بين الشعوب، تجعل قراءة هذا الكتاب متعة ثقافية خاصة جداً، لا تذكرنا إلا بأسلوب معلوف الخاص، صاحب العديد من الكتب الأخرى التي لا تقل أهمية عن «اختلال العالم».

ينقل الكاتب واقع العالم بكل شفافية، بما فيها من فوضى وخلل فكري وصعوبات التعايش مع الجماعات المختلفة، واعتبار المال أساس القوة والسلطة. ولا شك في أن ظهور تلك العلامات في بداية القرن الـ21 من اختلال اقتصادي ومالي، يجر الكوكب بأسره إلى منطقة من الاضطرابات. إن اختلال العالم في نظره مرتبط بحالة الإنهاك المتزامنة للحضارات كافة، وخاصة المجموعتين الثقافيتين اللتين يدّعي العالم نفسه الانتماء إليهما، ألا وهما الغرب والعالم العربي، أكثر من ارتباطه بـ«حرب الحضارات». المجموعة الأولى تعتورها قلة وفائها لقيَمها الخاصة، أما الثانية فواقعة في شرنقة مأزقها التاريخي. إنه تشخيص مثير للقلق، غير أنه يفضي إلى بارقة أمل: الفترة العاصفة التي دخلناها، قد تقودنا إلى صَوْغ رؤية ناضجة في النهاية حول انتماءاتنا ومعتقداتنا وتبايناتنا، وكذلك حول مصير الكوكب الذي يعنينا جميعاً.