مع بداية كل عام يترقب السينمائيون والمتابعون عودة مخرجيهم المفضلين الذين ربما توقفوا طويلاً لالتقاط أنفاسهم. ويبدو مهرجان كان السينمائي أهم المهرجانات وأشهرها، والذي بدأ منذ منتصف الأربعينات والمنعقد في مطلع السنة الميلادية كل عام هو المرحلة الأولى لمثل هذا الترقب حينما يقوم بإعلان قائمته الرئيسية للأفلام التي ستشارك في مضمار السباق للفوز بالسعفة الذهبية. وبالنسبة إلى هذا العام الذي تنعقد فيه دورته الحادي والسبعون في الثامن من مايو الجاري، فإن قائمة الأفلام الثمانية عشر التي أعلن عنها ضمن المسابقة الرسمية، ضمّت العديد من المخرجين الكبار من رواد مهرجان كان والفائزين بسعفتها الذهبية مسبقاً ومشاهير الإخراج السينمائي في العالم. ففي البداية سيفتتح المهرجان بفيلم الإيراني أصغر فرهادي Everybody Knows، وهو المخرج الذي حصل سابقاً على أوسكارين كأفضل فيلم أجنبي، والفائز في كان 2016 كأفضل سيناريو عن فيلمه الأوسكاري The Salesman، حيث يقدم هذا العام مستعيناً بالنجوم الإسبان خافيير بارديم وبينلوبي كروز، والأرجنتيني ريكاردو دارين دراما غامضة حول امرأة إسبانية تعود من الأرجنتين إلى مسقط رأسها، لتبدأ الأحداث التي تُظهر أسراراً إلى العلن. فبينما يشكل الكوري الرائع لي تشانق دونق أكبر العائدين بعد توقف ثماني سنوات، حينما قدم خمسة أفلام مميزة كان آخرها عام 2010 بفيلم Poetry، والفائز يومها في كان كأفضل سيناريو، حيث سيعود هذا العام بمشاركته الرابعة في المهرجان، عبر فيلمه الجديد Burning، في قصة دراما غامضة يقدم فيها عامل شاب خدمة لطيفة لامرأة من الحي، حال سفرها إلى أفريقيا، والذي تعود منه بصحبة رجل غامض ذي هواية سرية خاصة. إلا أن التركي نوري جيلان، والمتوقف منذ فيلمه الحاصل على سعفة كان 2014، سيعود عبر فيلمه الشهير Winter Sleep، مع المهرجان بفيلم The Wild Pear Tree، في قصة درامية حول المشاكل التي ستواجهها كاتبة طموحة حينما تعود إلى قريتها في أحد أرياف تركيا. أما من الصين فسيعود هذا العام، بعد توقف ثلاث سنوات، أحد أشهر وأبرز مخرجيها هذا الوقت زانغ كي جيا، والذي سبق له المشاركة في كان خمس مرات أبرزها عام 2013، حينما فاز بجائزة أفضل سيناريو عن فيلمه A Touch of Sin، بفيلم Ash Is Purest White، حيث يقدم قصة دراما رومانسية يتجلّى فيها الحب في أعنف صوره الممتدة لسبعة عشر عاماً. كما يشهد مهرجان كان هذا العام عودة المخرج الأميركي سبايك لي، والذي سبق له الحضور أيضاً في كان خمس مرات منذ عام 1986، حيث سيقدم هذا العام فيلماً تاريخياً مُثيراً بعنوان BlacKkKlansman، حول نجاح ضابط من أصل أفريقي في ولاية كولورادو، في التسلل إلى المنظمة العنصرية الشهيرة كلو كلوكس كلان. ومن اليابان والمخرج الأشهر حالياً هيروكازو كوريدا، والموجود في كان لست مرات سابقة منذ عام 2001، أبرزها حينما فاز بجائزة لجنة التحكيم عام 2013 عن فيلم Like Father, Like Son، فهو سيقدم هذا العام فيلم Shoplifters حول عائلة من المحتالين الصغار تتولى رعاية طفل تجده في الشارع. ومن أبرز العائدين إلى الإخراج هذا العام في مشاركته الأولى في مهرجان كان السينمائي، البولندي باول باوليكوسكي، والمتوقف منذ خمس سنوات، وذلك منذ فوز فيلمه الأشهر Ida عام 2013 بأوسكار أفضل فيلم أجنبي، حيث يقدم له مهرجان كان بطاقة العودة عبر فيلمه الجديد Cold War، في دراما رومانسية حول قصة حب بين شخصين من خلفيّات متباينة، أثناء فترة الحرب الباردة في الخمسينات. كما سيشهد المهرجان عودة المخرجة اللبنانية نادين لبكي بفيلمها الثالث، ومشاركتها الثالثة أيضاً في المهرجان، لكن هذه المرّة ضمن المسابقة الرسمية، بعد أن كانت قد بدأت مع فيلم «سكّر بنات» عبر (أسبوع المخرجين)، ثم فيلم «وهلأ لوين!» عبر قسم (نظرة ما)، حيث تعاود نادين لبكي هنا موضوعاً سياسياً في إحدى قرى الصيد، حول دعوى قضائية مثيرة يتبناها أحد الفتيان لاسترداد حقه المسلوب عبر فيلم «كفرناحوم». لكن المشاركة العربية الأبرز والأكثر لفتاً للأنظار في مسابقة مهرجان كان، هي ما فعله المخرج المصري أبو بكر شوقي، حينما تمكن ومن أول أفلامه الطويلة وفي أول مشاركة له في كان، أن يكون ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان وهذا لا يحدث عادة، ما يدل على جودة المستوى الفني الذي دعا منظمي المهرجان إلى قبوله في المسابقة، حيث يقدم أبو بكر شوقي هنا قصة شخص مجذوم يترك مستعمرة خاصة للمجذومين، في رحلة عبر مصر للبحث عن عائلته. وبالعودة للحديث عن أبرز العائدين عبر مسابقة مهرجان كان الرسمية، فبالطبع هناك المخرج العظيم الفرنسي الشهير ذي الثمانية والثمانين عاماً، جان لوك غودار، والأكثر مشاركة في كان حالياً بثمان مرات، آخرها مع آخر أفلامه عام 2014 Goodbye to Language، والفائز حينها بجائزة لجنة التحكيم. حيث سيعود هذا العام بفيلم The Picture Book، في قصة درامية ذات خمسة فصول. كما سيحضر عبر المسابقة المخرج الإيراني جعفر بناهي، والمحكوم بالإقامة الجبرية والمنع من الظهور، إثر مشاكل سياسية مع الحكومة الإيرانية، حيث استطاع تصوير فيلمه الأخير هذا Three Faces وإرساله إلى المهرجان، كما فعل مع آخر أفلامه Taxi عام 2015، حينما أرسله إلى مهرجان برلين ليفوز وقتها بالدب الذهبي في مهرجان برلين.