جمال فيّاض

أطلّت الفنانة السورية سوزان نجم الدين على مسرح جائزة «موريكس دور»، للحصول على جائزة أفضل ممثلة، عن مسلسل «شوق» الذي شاركت فيه إلى جانب زميلتها الفنانة نسرين طافش التي لعبت دور «شوق». وعند السجادة الحمراء، تحدّثت سوزان نجم الدين عن فستانها، وشرحت لنا أنها استوحت هذا التصميم «الغريب»، من «عصر النهضة». ثم أردفت أنه من عصر «الفكر الذي كرّس فيه بودلير والفكر الديكارتي معنى الجمال». ثم عادت سوزان، وكرّرت هذا الكلام حرفياً، على المسرح وعندما تسلّمت الجائزة، على الرغم من أن أحداً لم يسألها عنه.

وفسّرت من جديد «انتماءات فستانها الغريب»، لعصر النهضة والديكارتية (نسبة إلى بيير ديكارت)، وربطته من جديد بالشاعر الفرنسي شارل بودلير. مرّ التفسير والشرح المتفلسف على بعض الجمهور الحاضر في الصالة والمشاهد عبر الشاشة، مروراً عابراً. لكنه لم يمرّ على العارفين والمتابعين. فقد أرادت السيدة سوزان أن تمرّر لنا رسالة توحي بأنها مثقفة وعندها مطالعاتها الأدبية والشعرية الثقافية الرفيعة.

لكن بالمراجعة الدقيقة للأمر، يتبيّن لنا، أنها خلطت بين الأمور بشكل يؤكد أن الشرح السطحي للأمر، إنما كان معتمداً على أن الذين يتابعون السهرة لا يفقهون من هذه الأمور الكثير. وغاب عنها، أنه من الممكن أن يكون بين الحاضرين من عنده ثقافة، قد تكشف هذه الحركة السطحية. والمغالطة تبدو واضحة، متى عرفنا أن «عصر النهضة» يقع بين القرن الرابع عشر والقرن السابع عشر بالتقويم الميلادي.

وهو عصر بدأ من إيطاليا ليتمدّد لاحقاً في عموم أوروبا. لكن انطلاقته بدأت بعد هجرة الباحثين اليونانيين، ومعهم نصوصهم إلى فلورنسا، إثر سقوط القسطنطينية على يد الإمبراطورية العثمانية. لكن في المقابل، معروف أن شاعر عصر الحداثة الفرنسي شارل بودلير ولد في عام 1821، وهو تاريخ أبعد ما يكون عن «عصر النهضة»، وعن بيير ديكارت المولود في أواخر سنوات القرن السادس عشر.

أما كيف خلطت سوزان بين «عصر النهضة» وبيير ديكارت وشارل بودلير، فهذا أمر يبقى سرّه عند الذي كتب لها النص الذي ألقته مرّة عند السجادة الحمراء، ثم كرّرته حرفياً على مسرح حفل «الـ«موريكس دور»، وأعادت نشره حرفياً على مواقع التواصل الاجتماعي.

لم يكن لطيفاً من فنانة نعتبرها نجمة، التفلسف بهذا الاستهزاء بجمهور الحاضرين في الحفل، والمشاهدين وهم بالملايين، وأن تقول كلاماً فيه مغالطات تاريخية وثقافية، معتمدة على أننا مجموعة من الجهّال لا نعرف شيئاً عن الذي تقوله هي «المثقّفة» ذات الاطّلاعات الأدبية والفلسفية والشعرية العالمية. بيير ديكارت صاحب المقولة الشهيرة «أنا أفكّر، إذاً أنا موجود». ويبدو أن البعض يحب أن يعتمد هذه المقولة بشكلها المحدّث، «أنا أتفلسف، إذاً أنا فهيم عصري».