أحب الراحل الكبير الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الأشجار، لذا أمر بزراعة ما أمكن منها في أوسع ما يمكن من المساحات (يقال إن أكثر من 100 مليون شجرة تمت زراعتها بناء على تعليماته). كان الشيخ زايد يحلم برؤية الصحراء تكتسي بساطاً أخضر جميلاً، فعزم على تحقيق حلمه الأخضر، ولم يدع آراء الخبراء الدوليين، الذين رأوا استحالة الزراعة في الطبيعة الصحراوية والظروف المناخية الصعبة من قلة المياه وشح الأمطار، تثبط عزيمته.

لم يكن الراحل الكبير مؤمناً لا بحتمية التصحر ولا بديمومته، فعزم على وقف الزحف الصحراوي ونشر المسطحات الخضراء وتنمية وعي المواطنين بأهمية المحافظة على البيئة. فكان يصر على زراعة الأشجار على جوانب الطرقات ومحاورها ومستديراتها، كما كان يطلب زراعة الأشجار في الحدائق العامة، فزرع آلاف الكيلومترات المربعة بها وبالنباتات الصحراوية. كان سموه يقول دائماً: "نحن لا نريد أن نكتفي بالمحافظة على الشجرة الموجودة فقط، بل نريد أن نزرع إلى جانبها شجراً كثيراً". وبالفعل لم يكتفِ المغفور له بإصدار الأوامر لزرع الأشجار، بل كان يشرف شخصياً على تخطيط وتوزيع زراعتها في جميع أرجاء الإمارات. ولفتت علاقته الوطيدة بالطبيعة والأشجار وإصراره على قهر الصحراء وإلباسها بساطاً أخضر، أنظار العالم العربي والغربي، وتحولت مع الوقت إلى مثال يحتذى به في العالم أجمع، مما دفع بعدد من المنظمات الدولية إلى تكريمه بالجوائز. ففي عام 1997، نال الشيخ زايد جائزة الباندا الذهبية من الصندوق العالمي لصون الطبيعة تقديراً للجهود التي بذلها للحفاظ على البيئة، ليكون بذلك أول رئيس دولة يحصل على جائزة بيئية عالمية. لم يتوقف حب زايد للأشجار عند حد زراعتها، فمن عرفه أدرك مدى اهتمامه بالشجرة، وتروى حكايات عدة تبين مدى اهتمام المغفور له بالطبيعة والشجرة تحديداً. ففي كتاب "زايد رجل بنى أمة" ذكر المؤلف غريم ويلسون رواية للرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل يقول فيها: "في إحدى زياراتي إلى أبوظبي، كنت مع الشيخ زايد في سيارته ولم يرافقنا أحد" ويضيف: "عند أحد المنعطفات التفت الشيخ زايد فرأى شجرة كبيرة وارفة، وكانت مائلة على جنبها حتى لتكاد تهوى على الأرض. أوقف الرئيس السيارة واتصل عبر هاتف سيارته بالمسؤولين في القصر، ولم نكن بعيدين عنه، طالباً إرسال من يهتم بالشجرة ويعيدها جالسة وراكزة في مكانها". وفي مناسبة أخرى، يحكى أن الشيخ زايد أمر بتغيير مسار طريق قيد الإنشاء في منطقة العين، بعد أن لاحظ خلال زيارته المنطقة للاطلاع على المشاريع التطويرية فيها، أن الطريق يتجه مباشرة نحو واحدة من أقدم الأشجار في منطقة العين. وعندما بلغه المهندسون أنه لا يمكن تغيير المسار، أمر عندها بجعل مسربين للطريق يمران عن جانبي الشجرة من دون أن يمساها، ليعودا ويلتقيا في مسار واحد، كما أوصى الشيخ زايد بعدم قطع أي شجرة أو المساس بها إيماناً منه بأهمية المحافظة على التوازن ما بين الإنسان وبيئته.