على الرغم من أهمية وجود كبار السن في المجتمع إلا أننا نغفل عنهم لأسباب تتفاوت بين ظروف العمل وتربية الأبناء ومتطلبات الحياة، مما قد يترك أثراً سلبياً في نفوسهم فتبدأ آثار الاكتئاب بالظهور، مما ينعكس مرضياً على الأبناء والأحفاد.

الشعور بالإهمال

ترى الأخصائية النفسية أميرة مبارك، أنه في بعض الأحيان قد تتفاقم صعوبة الاهتمام بالمسنين من قبل عوائلهم، فالمسن يحاول باستمرار أن يستعيد مكانته السابقة بسبب شعوره بالإهمال، فيفرض آراءه وتكون ردود أفعاله في بعض المواقف أقوى من اللازم، وتوضح أميرة قائلة: «يتدخل المسن في شؤون أفراد الأسرة في بعض الأحيان لشعوره بأنه فاقد لدوره الأسري أو لشعوره بأن من حوله يريدون ممارسة دور الوصاية عليه ويريدون أن يملون عليه كيفية تصرفاته وأسلوب حياته كأنهم أدرى منه بمصلحته، ومع سوء الفهم لهذه المرحلة العمرية قد تزيد المشكلات، فترى العائلة أن التعامل مع المسن يصبح أصعب مع الوقت فتبدأ معاناة الإهمال الذي يعتبر سبباً رئيسياً للاكتئاب، بالإضافة إلى المشاكل الصحية».

وتضيف أميرة: «يصيب الاكتئاب الرجال أكثر من النساء لأنهم غالباً ما يكونون موظفين محالين إلى التقاعد فقدوا إحساسهم بقيمتهم في الحياة بعد أن كانوا يستمدون هذا الشعور من وظيفتهم التي كانت جزءاً لا يتجزأ من حياتهم فهي وسيلة للاحتكاك الاجتماعي ومقياس لإنجازاتهم وقدرتهم على العطاء».

عزلة دائمة

(ش. م) تروي حياة والد زوجها الذي يتجاوز عمره السبعين عاماً فتقول: «لطالما أشعر بالحزن كلما نظرت إلى عمي، فهو في عزلة دائمة يشاهد التلفاز طوال اليوم ولا يتحرك إلا لأداء صلاته أو تناول الطعام، ما يزعجني في الأمر أن هذا الرجل لديه العديد من الأبناء المشغولين في حياتهم فلا يجالسونه إلا في الصباح الباكر ليقبلون رأسه ويمضون إلى وظائفهم». لا يشتكي كبار السن من عزلتهم أو إهمال أبنائهم وهذا ما استشعرته (ش. م) وتقول: «لا أرى عمي يطلب من أحد أبنائه أن يجالسه أبداً، ولكن إذا ما جاء أحدهم من تلقاء نفسه فأرى البسمة لا تفارق محياه وهذا دليل على أنه يحتاج منهم رعاية أكبر، يجب على الأبناء أن يراعوا أهاليهم في الكبر في يوم ما سنكون من هذه الفئة وسنحتاج لمن يرعانا، ولن نرغب بالتأكيد أن نكون مهمشين في بيوتنا وبين أبنائنا».