لاحظنا ذلك جميعاً: عدا ما نراه في بعض أفلام الرعب، لا تتجاوز أطوال معظم الحشرات الـ15 سنتيمتراً، وأكثر بقليل في حالات نادرة. وذلك لحسن الحظ. فتصوروا، مثلاً، عنكبوتاً بحجم نسر، أو «كثير أرْجُل» (ما يسمّى شعبياً «أبو سبعة وسبعين») بطول تمساح، أو جرادة تضاهي صُوفَا الصالون كبْراً، وما إلى ذلك من احتمالات مُرعبة.

قد يتساءل متسائل: هل يمكن أن تحصل طفرات وراثية لحشرات معينة، فيكبر حجمها بحيث يُطاول ما مذكور أعلاه؟ والجواب: ذلك مستحيل. فلماذا هو مستحيل؟ ولماذا منذ مليارات السنين، لم تحصل طفرات جينية كتلك؟

في الواقع، السبب بيولوجي، يتعلق بالنظام التنفسي للحشرات. فالحشرات لا تمتلك رئات مثل البشر والحيوانات اللّبُونة، ولا خياشيم مثل الأسماك. لا بل ليس عندها أي جهاز تنفسي جدير بهذا الاسم. فكيف تتنفس إذاً؟ لا يمكن القول إنها تتنفس، لكنها «تتأكسج»، بمعنى تسحب الأكسجين، من خلال شبكة قنوات ضئيلة، أشبه بقصبات هوائية موزعة على مجموع أجسامها. وثمة فتحات تنفسية مجهرية، غير مرئية بالعين المجردة، هي التي تتيح دخول الهواء، مباشرة إلى أعضاء الحشرة.

وذلك ما يُنقذ البشر من كابوس رؤية حشرات تتضخم حتى تصبح في حجم مراوح سقفية تُطنطن فوق آذانهم.