بالمثابرة والتحدي شقّت الكويتية نورة العمير طريقها وحصلت على الماجستير والدكتوراه في الطب الشرعي من اسكتلندا لتصبح أول طبيبة شرعية في الكويت.

ووصلت العمير إلى منصب مساعد مدير إدارة الطب الشرعي في الإدارة العامة للأدلة الجنائية في وزارة الداخلية الكويتية، والمسؤولة عن حالات العنف ضد الأطفال التي يتم تحويلها من جهات التحقيق إلى إدارة الطب الشرعي، وعضو في فريق حماية الطفل. العمير لم تندم قط على اختيارها التخصص في مجال الطب الشرعي، بحسب ما كشفت لـ"زهرة الخليج"، وتقول "لقد كانت رغبتي الشخصية بعد دراسة طويلة للقرار، هذا التخصص أشْبَع طموحاتي وأهدافي? وله طابع إنساني، كأي تخصص طبي آخر? وأنا أحب مهنتي كثيراً، وأسعى دائماً إلى تطوير نفسي ومعرفة الجديد في مجال الطب الشرعي، ودراسة امكانية تطبيق أي جديد في عملي". وعن اعتقاد الناس من كون الطب الشرعي هو مجرد مكان لتشريح الموتى، أشارت العمير إلى أنّها تسعى إلى تغيير هذا الاعتقاد السائد من خلال زيادة وعي الناس عن طبيعة عمل الطب الشرعي، عبير تنظيم محاضرات وورش عمل وملتقيات. وتضيف "مهمّة الطبيب الشرعي تتوسع إلى فحص حالات الأحياء، مثل اعتداءات الضرب والاعتداءات الجنسية? والإصابات الناتجة عن حوادث المرور، ومحاولات الانتحار? وحمل السفاح والاجهاض الجنائي? بالإضافة إلى تحديد القوى العقلية للشخص والمسؤولية العقلية عن الجرائم".

وتتابع العمير بالقول إن "الطبيب الشرعي أيضا يرد على طلبات المحكمة في القضايا المدنية، مثل التعويضات عن الإصابات، سواء الناتجة عن الاعتداء بالضرب أم العمل أم الحوادث المرورية، وتحديد الخطأ أو الإهمال في المسؤوليات الطبية? وكذلك الأحوال الشخصية (الحجْر أو الطلاق)، إلى جانب تحديد الأهليّة المدنية". وأولت العمير العنف الجسدي والجنسي ضد الأطفال اهتماماً كبيراً، ولامسته بطريقة مباشرة وبالتخصص، موضحة أن "العنف ضد الطفل أصبح للأسف ظاهرة منتشرة في مجتمعاتنا. وطبيعة عملنا في الطب الشرعي تشمل جميع أنواع العنف، خاصة الواقع على الأطفال، ولاهتمامي بهذه الظاهرة على وجه الخصوص، أحببت أن أوليها اهتماماً أكثر، وأصبحت متخصصة في مجال الاعتداء على الأطفال، الجسدي والجنسي، وقد اتخذته تخصصاً دقيقاً لي بعد أن حصلت على شهادات تخصصية عدة". وتضيف "لقد أصبحت حالياً مسؤولة عن حالات العنف ضد الأطفال المحوّلة من جهات التحقيق إلى إدارة الطب الشرعي، إضافة إلى كوني عضواً في فريق حماية الطفل الموجود في المستشفيات الحكومية". بالمقابل تحرص العمير، على حد قولها على "حفظ حقوق الطفل، من خلال اتخاذ الإجراءات المناسبة عند التعامل مع الطفل المعنّف أو المهمَل، بما يحقق مصلحة الطفل بالمقام الأول" مشيرة إلى أن "معظم الاعتداءات الجنسية على الأطفال التي ممّن يتولى رعايتهم، لا تترك أثراً مادياً، ولكن ذلك لا ينفي حدوث واقعة الاعتداء الجنسي على الطفل". أما العنف ضد المرأة، وإمكانية إثبات وقوع التعنيف ضدها، تؤكد الطبيبة الكويتية بأنه "ليس سهلاً في كل الحالات.. فالطبيب الشرعي يكون دوره في البحث عن الآثار المادية المتمثلة بالإصابات، كحالات العنف الجسدي أو الآثار البيولوجية في حالات العنف الجنسي، وذلك لإثبات واقعة العنف". وتدلل على رأيها بأن "بعض الحالات قد يتم تحويلها إلينا بعد مرور وقت من واقعة حدثت، فتزول بعض الآثار المادية، ويصعب علينا الوصول للأدلة". وسألت "زهرة الخليج" العمير عن دور الطب الشرعي في تحقيق العدالة، فأجابت "الطب الشرعي يتناول الحالات الطبية ذات الطابع القضائي، حيث يتم توضيح الأمور الطبية التي تخدم القضاء وتعاونه للوصول إلى الحكم العادل"، مضيفة أنه "من خلال ذلك يُسهم الطب الشرعي في صيانة الحق العام وحقوق الأفراد في أمرين مُهمّين: تحقيق العدالة من خلال تمكين المجتمع من القصاص، وانعكاس ذلك على الإقلال من حدوث الجرائم، والأمر الآخر هو تحسين مستوى الرعاية الصحية، من خلال تمكين القضاء من محاسبة من يُخالف الأصول الطبية في التعامل مع المرضى".