تنتمي نسبة كبيرة من سكان المغرب العربي إلى شعب "الأمازيغن"، أي "الرجال الأحرار". وفي المغرب، يُدعون "شلوح"، وفي الجزائر "قبائل"، وفي جبال الأوراس الجزائرية، يُسمّون "الشاوية" مثل أكراد دير الزور السورية.

لكن غالباً ما يسميهم الأوروبيون "البربر"? وهم منتشرون على رقعة شاسعة من 5 ملايين كيلومتر مربع، تمتد من البحر الأبيض المتوسط شمالاً إلى تخوم مالي والنيجر وبوركينا فاسو جنوباً، ومن جزر الكناري "في المحيط الأطلسي، قبالة سواحل المغرب" غرباً إلى الصحراء المصرية الليبية شرقاً? وبعض المؤرخين يعدّ الطوارق الرّحَّل من ضمن الأمازيغ.

الضيافة عند الأمازيغ فن وأخلاق وإرث? ولا يسع عابر السبيل الغريب إلا أن يرضخ في نهاية المطاف، إلى إحدى دعوات الفلاحين المُلحّة إلى دخول بيوتهم ضيفاً مُعزّزاً، ومشاركتهم جلسة بسيطة في أثاثها، كبيرة في صدقها وإنسانيتها. فيُقدمون له الشاي الأخضر، تارة بالنعناع وتارة باللوز البربري، الذي يدعونه "أرغان". أما إذا تعطلت سيارته، فيتبرع المضيفون جميعاً بإبداء العون? وكأن السيارة ملكهم.

فلماذا يُسمّون "بَرْبَر"؟

ثمّة فرضيّات عدّة عن أصل المفردة، أكثرها شيوعاً تلك التي تعود بالموضوع إلى ما قبل الميلاد، وإن كانت الغايات لا تخلو من نوايا غير نزيهة. فمنذ القرن الـ19، مع بدايات الاستعمار الأوروبي لشمال أفريقيا، يركز الباحثون الغربيون، ومنهم الإنجليزي إدوارد ويسترمارك ( 1862- 1939)، على الإرث الروماني للبربر، واختلافهم العرقي عن البيئة المحيطة، خصوصاً العربية. بل يحاولون سلخهم حتى عن الإسلام عن طريق جرد أي مظاهر طقسية قديمة، مهما كانت بسيطة ورمزية، وإلقاء الضوء عليها وتصويرها على أنها نابعة من "دين أصلي" مفترض للبربر،انغمس بعد غلبة الإسلام.

من ذلك المنطلق، القائم على نزعة استشراقية مُتعالية، يُرجعون تسمية "بربر" إلى عهد الإمبراطورية الرومانية. ففي رأيهم، المفردة آتية من اللاتينية "بارباروس"? أي "أجنبي"، "دخيل"، و"غير متحضر".

ففي تلك الفترة، اعتمدت روما، "القوة العظمى" آنذاك، ما يُسمّى "حِزام لِيمَس"، وهو حدود وهمية اعتُبر "بربرياً" أيُّ قوم يعيشون وراءها. وبما أن شعوب شمال أفريقيا كانت على رأس المشمولين بذلك التصنيف "الإمبريالي" لكونها الأقرب جغرافياً، ارتبطت تلك السّمَة بها، والتصقت التسمية حتى بعد نسيان أصل المفردة ومغزاها.

وذلك ما يفسر تفضيل المعنيّين، اليوم، استخدام كلمة "أمازيغَن"، ومفردها "أمازيغ" التي تصبح "تامازيغيت" للتأنيث، وأيضاً كمرادف للغتهم الأساسية، المسمّاة "تامازيغيت" وهذه تُكتب برموز صعبة تسمّى "تيفيناغ".