ما معنى أن تقاطع أكثر المحطات العربية استهلاكاً لساعات الدراما التركية بأعلى الأسعار، الدراما التركية؟ ما معنى أن تتخذ الفضائية السخية على الدراما MBC قراراً بعدم شراء وعرض المزيد من المسلسلات التركية؟

معناه حسب نظرة أولية سريعة، أن الفرصة اليوم ستكون من نصيب تحسين شروط العمل في الدراما العربية، المصرية والسورية والخليجية واللبنانية. إن حذف مئة ساعة دراما من تركيا في الأسبوع، يعني ملء فراغها بأعمال عربية وممثلين عرب ومن منتجين عرب. يعني مبروك، ستشتري المحطة آلاف ساعات دراما مضافة من المسلسلات العربية. يعني أن الأعمال التي كانت مركونة في المكتبات بانتظار فرصة العودة للعرض بصفة "متوفّر" و"عرض ثان" ستجد فرصتها للعرض. يعني أن المنتج والموزع سيجدان ازدهاراً لما في حوزتيهما من أعمال مصوّرة? وأن الممثلين الشباب سيجدون المزيد من الفرص للعمل والتقنيين ستغمرهم السعادة بالعمل أكثر في الاستديوهات? بدءاً من المصورين إلى التقنيّين والمساعدين في عملية تنفيذ الإنتاج.

حالة من السعادة الغامرة بدأت تدبّ في القلوب? ولتذهب تركيا ومسلسلاتها إلى بلادها، وخلي غرور الوسيم كيفانغ تاتليتوغ ينفعه، وخلي بيرين سات تحتفظ بجمالها لمسلسلات تعرضها للجمهور التركي لا غير.

لكن مهلاً، هل فعلاً ستملأ الفضائية السخية فراغ التركي بالإنتاج العربي؟ للأسف لا يبدو أن التفاؤل سيصل إلى هذا الحدّ. فقد بدأت الدراما الهندية المدبلجة تغزونا بدل التركي? وصارت الشاشة العربية مليئة بالألوان وبالملابس الهندية? الساري الملوّن، وملامح السَمار الآتي من الشرق الأدنى، صارت مسيطرة? والدوبلاج باللهجة السورية للمسلسل التركي، انتقل إلى المسلسل الهندي.

والأهم في الدراما الهندية، أن المشهد الذي يحتاج إلى دقيقة في المسلسل العربي، ويحتاج إلى دقيقتين في المسلسل التركي، نجده هو المشهد عينه يحتاج إلى خمس دقائق في المسلسل الهندي. فبعد كل كلمة ينظر الممثل الهندي إلى الممثل الواقف أمامه نظرة تأمّل طويلة، تجعلك تنتظر منه انفجاراً نووياً? لكنه ينهي نظرته بابتسامة سخرية، ستحتاج من الممثل الآخر إلى دقيقة ليستوعبها ويجيبها بتعجّب غريب الملامح. هكذا، نحن نجد في كل عمل غريب "تحفة وإبداعاً"

صدقوني، لن يحب المشاهد العربي إلا المسلسل العربي والممثل العربي، والقصص المأخوذة من المجتمع العربي. ومهما بدّلنا الموضة، من أمريكي إلى مكسيكي إلى برازيلي إلى تركي إلى هندي... سنرجع إلى الدراما العربية.