أن تتزوج المطلقة مرة أخرى بعد تجربة زواج فاشلة، فهذا حق لها? ومن الطبيعي أن تتابع حياتها من خلال الارتباط برجل آخر يؤنس وحدتها، ويصبح لها مُتّكأ في الحياة، ويعوّض أبناءها اليسير من غياب الأب، ولكن الواقع يقول إن هناك تحفظات اجتماعية وشخصية كثيرة على هذه الخطوة، الأمر الذي دفع كثيراً من الأمهات المطلقات إلى التضحية بمكاسب الزواج من أجل الأبناء.

تعتبر الدكتورة دوللي حبال "استشارية نفسية" أنّ على المرأة التي تجد نفسها في مِثل هذا الموقف الصعب? أن تزن حجم خسائرها ومكاسبها حين تقرر الزواج مرة أخرى، أو ألا تتزوج وتبقى مع أولادها قائلة: "إن مقدار التضحية التي تقدمها الأم المطلقة كبير? فالحياة لا تزال مفتوحة أمامها، لكنها تفضل أن تضحّي من أجل أبنائها ومتابعة حياتها بمفردها. وإذا أقدمت على الزواج? فهناك احتمال بأن الرجل الجديد لن يستطيع التعاطف مع أولادها، أو أن يعاملهم كما يتعامل الأب مع أبنائه، علماً بأن أبناءها قد يرفضون فكرة زواج أمهم بآخر خلفاً لوالدهم? الأمر الذي يشكل مشاكل بين الأم وأبنائها، وهي في غنى عنها".

وأوضحت "دوللي" أن الأم التي تستغني عن وجود رجل في حياتها من أجل الأبناء? هي أمّ مُحبّة وقلقة على سلامة أولادها، ولديها الوعي الكامل لاحتياجات الأبناء والتحديات الكبيرة التي ستواجهها? وأهمها تنشئة الأولاد في بيئة صحية تؤمّن لهم التوازنين النفسي والصحي? وتحمّل الأعباء المادية لإعالتهم.

وتضيف دوللي: "على الأم أن تخلق توازناً بينها وبين أبنائها، بحيث لا تتحول هي إلى محور عالمهم. وغير الاعتناء الحصري بالأولاد، فهي أيضاً كائن بشري في حاجة إلى الحياة الاجتماعية، مثلها مثلهم? فعليها أن تعتني بحياتها الشخصية، وتقوم بأنشطة أخرى تجلب لها السعادة وراحة النفس، إذ إنها في حاجة إلى إقامة توازن نفسي حتى تستطيع الاستمرار في العطاء". من جهته يرى الدكتور عارف الشيخ "استشاري أسري" أنّ قرار امتناع الأم المطلقة عن الزواج من أجل الأبناء صحيحاً، مبرراً ذلك بالقول: "إذا طُلّقت من زوج كان يقصّر في حقها، أو كان يضربها مثلاً، ولها أولاد منه، فخافت أن تتزوج بآخر يمنعها من تربيتهم، فتفرغت لهم، فإن مثل هذه لا تُلام إذا لم تتزوج، لأنها تخاف أن يتزوجها زوج أشد قسوة، وهي مسؤولة عن تربية أولادها أولاً".

وشدّد الشيخ من ناحية أخرى أن عُزوف المرأة عن الزواج مرّة ثانية من غير مبرّر لا يكون مقبولاً، لأن الزواج مُرغّب فيه من أجل النسل وحفظ النفس. أما بخصوص الأم المضحية، فيُبيّن بالقول: "لا شك في أن مثل هذه المطلقة إذا قامت بواجبها نحو الأولاد، حسب الشرع، تنال الحُسْنَيين في الدنيا والآخرة، لأن الذي يحرم نفسه من شيء حلال من أجل إيثار الغير في الدنيا، لا يحرمه الله في الآخرة من نعيم الجنّة، لأن الأجر على قدر المشقة، وهي إذا كانت صادقة تكسب نظرة استكبار من الناس لأنها مثالية، فهي جوّعت نفسها لتُشبع أولادها? خاصة إذا طلقها زوجها تعسّفاً أو مات عنها الزوج وجلست تربّي أولادها? فإنها تنال رضا الله ورضا الخلق".