منذ فترة، بدأتُ أراجع علاقتي بما أملك، وبما تمنّيت امتلاكه. مِذّ اكتشفت أنه يكفي أن نضيف (الياء) إلى أي شيء حولنا، لنُقنع حواسنا بأنه لنا. الملكيّة وجهة نظر، وطريقة في التفكير ليس أكثر. لما لا نكتفي بوهم امتلاك الأشياء إذاً، ما دمنا في الحقيقة لن نمتلكها حقاً؟

حتى قطت (ي) الوديعة يصعب في الواقع الاستحواذ عليها، ولا يمكن للياء التي تنسبها لي، أن تُغيّر شيئاً في قراراتها. فهي الحيوان الوحيد الذي لن تراه في السيرك، لأنه يملك شخصية تفوق أسلافه النمور والأسود عِناداً.

أتساءل، لماذا نصرّ على امتلاك كل كائن يدخل دائرتنا، وكل ما يقع عليه نظرنا، حتى وإن كان ثمن ذلك قضاء حياتنا في الحفاظ عليه، بل وموتنا دفاعاً عنه. كأولئك الذين أثناء الحرب لم يغادروا منازلهم، خوفاً على البيت والسجاد والأثات والتحف فانتهوا جثثاً تحت أنقاضها، كي لا يتركوها للصوص. بينما من لا يملك شيئاً يخاف عليه، نجا، فقد كان أول المغادرين.

لتنجو في هذه الحياة عليك أن تكون خفيفاً، ألّا تتعلق بشيء ولا بأحد، ما دام ما تناله ينال منك، وما تملكه ستشقى به. فبعض الشقاء سببه ياء الجشع حين تخلق لدينا هوَس جمْع المزيد منها. ففي جميع الحالات ما لا تفارقه سيفارقك، لا أحد يمتلك أحداً أو شيئاً حقاً، أو يضمن الاستحواذ الأبديّ عليه.

في كل «ياء» مشروع شقاء، واسألوا من قضى عمره ينشد «موطني.. موطني» فأودت به الياء. لأنه لم يتوقّع أن تكون ياء الوطن قاتلة، وغادرة ولا يُعوّل عليها. بل تلك الياء هي الوحيدة التي تعني عكس معناها، فأثناء اعتقادك أنها تمنحك صك ملكيّة وطن، تكون في الواقع أنت مملوك له، ومطالب بالموت فداء له.

الياء المضافة تغدو ذات مفعول سحري، في حالة واحدة، عندما يتوجّه بها إليك حبيب، ويعني تماماً وزن حرف الياء حين يضاف لصفة ما. فتغدو الكلمات صكّاً بملكية أبدية: حبيبة (ي).. مولاة (ي) حياة (ي). وحده الحب في إمكانه بحرف واحد أن يهديك كل الصفات والأسماء، وأن يحوّلك إلى قبيلة من النساء.

لكن، في ذلك الحرف الصغير يكمن فخ الحب، فعند الفراق، أول خساراتك وأكبرها ستكون تجريدك من ذلك الحرف، وتسليمك لليُتم العاطفي، ولفقر وجداني، ما من «ياء» ممّا تملكين من أشياء، يمكنها حينها أن تعوّض خسارتك!

"أثرَى النساء أنا لستُ ثريّة بما أمْلِك ثَريّة لأنّكَ تَمْلِكُني"