ككل عيد للعشاق، لا يملك البعض إلّا أن يحسد الحيوانات، عندما يقرأ أنّه بهذه المناسبة، تمّت إقامة حفل زواج فاخر في تايلند، لأربعة فيلة، ارتدت لزفافها لباساً طويلاً من الحرير، وسبقها موكب يحمل المهور والحلوى والمال، وزُفّت لبعضها بالموسيقى وسط احتفالات استعراضيّة، انتهت بأن تمّ نقلها في شاحنات مزيّنة نحو «خلوتها الزوجيّة». إيه والله.. بينما تتفشّى ظاهرة العنوسة في المجتمعات العربيّة بشكل مخيف، لم يجد لها علماء الاجتماع ولا علماء الدين حلاً، وارتفعت سنّ الزواج في العالم العربي لدى الشباب إلى ما بعد الخامسة والثلاثين، بسبب قلّة فرص العمل، وانخفاض القدرة الشرائيّة، وصعوبة الحصول على سكن، في إمكان فيل أن يُقيم عرساً فاخراً، ويبدأ حياته الزوجيّة في الخامسة عشرة من عمره، غير معنيّ بكلّ مشاكلنا المعيشيّة. وفي إمكان عروسه أن تذهب لانتظاره في «فراش» الزوجيّة، بشحمها ولحمها وتجاعيدها، من دون أن تمرّ بعيادات التنحيف والتدليك وصالونات التجميل، غير آبهة بأن يكون عمرها 24 سنة، وأنّها ستتزوّج فيلاً يصغرها بتسع سنوات، أي أنّها بمقياس الحيوانات في عمر أمّه! أين المشكلة؟ هي ليست مهتمّة برأي حماتها، ولا بكلام الأهل والأقارب والجيران، ولا بغيرة الصديقات وغمزهنّ ولمزهنّ. إنّها «مبسوطة» أنعم الله عليها بعريس ما شاء الله طولاً وعرضاً وهيبة. لا يحتاج إلى «خطّابة» للترويج لفحولته، ولا إلى نشر صورته في مكاتب الزواج، ومواقع التعارف على الإنترنت. إنّه يتزوّجها «على البركة». لا يعنيه أصلها ولا فصلها، ولا قبيلتها ولا طائفتها، اختاروها له حسب مقاييس لا علم له بها، وضعوها في فراش الزوجية، فاتّكل على الله وأعلنها أنثاه الأبديّة. ذلك أنّ أختنا في الأنوثة «المدموازيل الفيلة»، محظوظة بوقوعها على جنس وفـيّ. وهو أمر نادر لدى ذكور الحيوانات. فما بالك في عالمنا البشريّ، حيث تفشّت الخيانة لدى الرجال، حتى غدت حقاً مكتسباً أباً عن جدّ. يكاد المرء يستنتج أنّ العنوسة ظاهرة محض «إنسانيّة»، لأنّ النميمة والحسد والتدخّل في شؤون الآخرين، وامتلاكك حق التصرف بمصيرهم، صفات لم يخصّ الله بها إلّا الإنسان! لولا انتماؤها إلى جنس الحيوانات، لكانت ذكور القطط الهائجة في هذا الشهر بالذات، تقبع الآن في سجن احتياطي مع هارفي واينستين «وحش هوليوود» وواحد من أكثر رجال هوليوود نفوذاً بحكم امتلاكه أكبر شركة إنتاج سينمائي وتحكّمه في أقدار كل الحالمات بالنجومية. فقد اتهمته أكثر من 70 امرأة بالتحرش وبسوء السلوك الجنسي بما في ذلك الاغتصاب.. وهو حتماً عمل سيئ يستحق عليه السجن لسنوات، وتقديم تعويضات كبيرة لضحاياه. لكن فعله هذا لا يختلف عمّا يقوم به قط «أزعر» يحوم حول بيتنا هذه الأيام ولم تنجُ من هوسه الجنسي «بسينات» برمانا. والأدلّة لا تحتاج إلى جيش من المحامين، ولا إلى فريق من المدققين. يكفي دليلاً، مواء إناث القطط طوال شهر شباط، حدّ منعنا ليلاً من النوم، ثم عودتها بعد أشهر مصحوبة بتشكيلة عجيبة من صغار لا يشبه أحدها الآخر. مطمئنة أن لا أحد من أقاربها سيقوم بذبحها غسلاً لشرفه، اطمئنان القط إلى كون البوليس لن يضع إسوارة إلكترونيّة في إحدى قوائمه لمتابعة تنقّلاته، وصولاته وجولاته بعد دفع كفالة بملايين الدولارات، مقابل حريته.أتكون البشريّة قد قضت قروناً في المطالبة بحقوق الإنسان، وقد تقضي ما بقي من عمرها على هذه الأرض، تطالب بالتساوي مع الحيوان في حقوقه!