بدأت حكاية الفنانة المصرية مي عماد بالمكفوفين وكيف يفكرون بالعالم ويتصورونه ويتخيلونه منذ أن كانت طالبة في الفنون الجميلة. التقت آنذاك بالطفل محمد (12 عاماً) حينها المصاب بحالة نادرة من الإعاقة المركبة، فهو فاقد البصر ويعاني من إعاقة ذهنية وحركية وسمعية كما أنه لا يستطيع النطق، ما جعلها تشعر بأهمية التعبير عن نفسه لديه، إذ لا يملك أي وسيلة لفعل ذلك. قامت عماد بتدريب محمد على استعمال الألوان وتخطيط الأشكال، ورأت السعادة التي شعر بها، وأصرت على أن تفعل ما قدمته لمحمد من فرصة التعبير مع مكفوفين آخرين، بهدف تذوق ما لا يستطيعون رؤيته وبهدف تخيله أيضاً. ترى عماد أن الكفيف وعبر قدرته على استخدام حاسة اللمس بمهارة، يمكنه أن يقوم بالرسم مستخدماً هذه المهارة، وتلفت إلى حقيقة لا يعرفها كثير من الناس، إذ أن الغالبية العظمى من فاقدي البصر يملكون قدرا بسيطا ومتفاوتا من الرؤية يستطيعون من خلاله إدراك الظلال والتكوينات اللونية، وأن الرسم يحمي هذه القدرة المتواضعة من الضمور مع الوقت لأن معظم الكفيفين لا يستخدمونها. ويعتمد مشروع الفنانة على إدخال الرسوم البارزة في الكتب المخصّصة لفاقدي البصر باستخدام تقنية تشبة "بريل" من بداية المرحلة التمهيدية وحتى الجامعة. ورغم أهمية الفكرة وإثبات الفنانة أنها قادرة على تطبيقها، لكنها لم تجد من دعم المسؤولين والمهتمين بالفكرة، غير أنهم شجعوها على الاستمرار فقط، من دون مساعدتها بتوسعة المشروع ورصد دعم مادي ولو بسيط لتنفيذه على سبيل التجربة.