الجمال شيء نسبي، فما يراه شخصا جميلا قد يراه آخر أبعد ما يكون عن الجمال. ولا أدل على ذلك من اختلاف المعايير الجمالية وأساليب التجميل بين الشعوب المختلفة حول العالم. فبعيدا عن العيون الواسعة والشفاه الممتلئة والقوام الممشوق، هناك بعض العادات والقيم التي تعتبر جذابة فقط في منطقة منشأها والبعض الآخر ربما نستفيد منها. أفريقيا في بعض القبائل الأفريقية مثل الكارو في جنوب أثيوبيا، تجرح النساء أجسادهن ووجوههن عمدا لتشكيل الندوب الدائمة. أما نساء المرسي فيضعن أطباقا كبيرة مصنوعة من الصلصال داخل الشفة السفلية في سن المراهقة. وتدل هذه العملية على بلوغ الفتاة واستعدادها للزواج. وتقوم كل امرأة بصناعة الطبق الخاص بها وتزيينه بأشكال مميزة. أما في أوغندا وموريتانيا، فالسمنة وخاصة المؤخرة الكبيرة هي حلم كل فتاة. قبل الزواج، تبعث الفتيات إلى معسكرات للتسمين حيث يجبرن على تناول ما لا يقل عن 15 ألف سعرة حرارية في اليوم. تايلاند لنساء الكايان في شمال تايلاند، الرقبة الطويلة هي القمة في معايير الجمال. تبدأ البنات في سن الخامسة بارتداء حلقات ذهبية اللون مصنوعة من النحاس تعمل على ضغط عظام الترقوة والضلوع حتى يبدو العنق أكثر طولا، ويزيد عدد الحلقات بالتدريج حتى يصل وزنها إلى10 كيلوغرامات. اليابان في الثقافة اليابانية التقليدية، ليست الغيشا امرأة عادية، بل هي رمز الأنوثة والجمال المثالي. دورها يشمل الترفيه عن الرجال بشتى أساليب الفن من الرقص والغناء حتى طقوس الشاي وتنسيق الزهور، إلا أن الجوهر دائما يعود إلى رقة جمالها. تعتبر البشرة البيضاء والشفاه الحمراء الإطلالة المثالية للفتاة اليابانية الجميلة. ويصنع أحمر الشفاه التقليدي من مستخلص زهرة العصفر اليابانية ويوضع الخليط داخل صدفة صغيرة ويتم وضعه على الشفاه بفرشاة مبللة. ومن التقاليد التي توارثت وأصبحت من العادات الشائة الآن، استعمال زيت الكاميليا لترطيب البشرة والشعر. فهو يغذي البشرة ويحافظ على نظافتها، كما أنه يقضي على البقع الداكنة والتشققات. وفي العصر الحديث، اشتهرت اليابان بصيحاتها الجمالية الغريبة، ومنها الأسنان الناتئة والأذن المستدقة وعلاجات البشرة العجيبة مثل علاج براز البلبل. البرازيل ليس بسر أن البرازيليات من أجمل نساء العالم. وهذا بسبب أن الجمال بشكل عام يحتل مكانة عالية جدا في الثقافة البرازيلية، حيث تصرف البرازيليات على مستحضرات التجميل والعلاجات في العام الواحد أكثر من باقي نساء العالم ب11 مرة. ولكن بالإضافة إلى ذلك، فإنهن يحافظن على التقاليد الجمالية، فمثلا للحصول على جسد ناعم وحريري، يدلكن أجسادهن برمل الشواطئ مما يخلص الجلد من الخلايا الميتة والسيليولايت. ولتعزيز اللون البرونزي الذي يفخرن به، يشربن عصير الجزر قبل حمام الشمس وعصير الشمندر بعده. الصين انتقلت عادة ربط الأقدام في الصين من من جيل إلى جيل وقد استمرت لعشرات القرون. كان يتم تقييد أقدام الفتيات الصغيرات لمنعها من النمو حتى لا يتجاوز طول القدم ما يتراوح بين 10 إلى 12 سم فقط. وبرغم أن هذه الممارسة قد تسببت في تشوه أقدام ملايين الصينيات، إلا أن الكثيرات كن يرين أنها جواز مرورهن إلى مكانة اجتماعية أفضل وثراء متزايد مع زوج من طبقة اجتماعية راقية. ولكن في عام 1912 أثناء الثورة الثقافية الصينية، تم منع هذه الممارسة وبدأ مفتشو الحكومة بفرض الغرامات الباهظة على كل من تمارس تلك العادة التقليدية. والآن، تبحث الصينيات عن البشرة النقية ناصعة البياض. وبرغم أن الصينيات من أكثر نساء العالم استهلاكا لمستحضرات العناية بالبشرة المبيضة، إلا أنهن يعتمدن أيضا العلاجات الطبيعية التقليدية مثل غسل الوجه بماء الأرز وإدخال الشاي الأبيض إلى نظام التجميل اليومي. يتميز الماء المستخدم لسلق الأرز بقدراته على تفتيح لون البشرة وتغذيتها بفضل الفيتامينات والمعادن التي تتسرب أثناء الغلي، ويوضع على البشرة مثل التونر أو السائل المنشط بأطراف الأصابع أو قطع القطن. أما الشاي الأبيض، فهو غني جدا بمضادات الأكسدة التي تحارب ظهور علامات الشيخوخة. إندونيسيا على جزيرة بالي، يمارس تقليد من أغرب المراسم الجمالية، ألا وهو برد الأسنان. وتقام هذه الممارسة بعد سن المراهقة وقبل الزواج، إذ أنها ترمز إلى دخول الشباب والفتيات إلى عالم البالغين. فمن معتقدات الهندوس في بالي أن الأسنان رمز للغضب والجشع والشهوة والغيرة، فعندما تبرد الأسنان، يتم تحرير الروح والجسد من جميع هذه الصفات السلبية.