إن أخطر ما يهدد الحياة الزوجية، ويؤثر على استقرارها هو إنتقال مشكلات الزوجين خارج أسوار المنـزل، وخاصة إلى الأهل، فكل طرف سيتحيز لإبنه أو ابنته ويتحول الموضوع من خلاف بين الزوجين إلى صراع عائلي لا يمكن احتواؤه، أو السيطرة عليه وتصديق احد الزوجين لكل ما يقوله الأهل من اتهام شريك الحياة قد يزلل البيت ويقضى عليه بالطلاق. دخلت الزوجة مكتبي وهي تلملم دموعها، وبمجرد أن جلست انهارت وشرعت في سؤالها عن سبب بكائها انهارت بالبكاء أكثر ، طلبت منها أن تهدأ لنعرف ما شكواها فلما سأالتها ما سبب صياحك وبكائك؟ قالت: كنت أعيش حياة سعيدة منذ سنة مع زوجي ولأني أحبه لم أمانع أن تعيش والدته معنا بنفس البيت وكان الود يخيم على حياتن، لكن زوجي كان الابن الوحيد حيث توفي والده وهو طفل، فكانت أمه تحبه وتغار مني وتتدخل بكل كبيرة وصغيرة لكنني كنت أطوف ولا أعلق حتى جاء يوم وقع فيه حادث لزوجي وخربت سيارته تماما فصممت أن أقترض من البنك بكفالة راتبي لأدفع ثمن سيارة جديدة ولم أخبر أحدا بذلك وظللت شهرا أختلس التحدث مع المعرض والبنك والدوام حول موضوع السيارة فكنت أقوم من جلستي مع أهل زوجي عندما يأتيني اتصال من معرض السيارات أو البنك لأتحدث سرا حتى يظل الخبر مفاجأة. فكانت المفاجأة الأكبر من مفاجأتي أن حماتي شككت زوجي في أخلاقي وأقنعته أني على علاقة وأنني أتحدث سرا مع شباب وصدقها زوجي وطردني في ذلك اليوم الذي كنت أحمل له وراء ظهري صندوق صغير أحمر به هدية فلما نهرني وطردني رميت الصندوق الصغير بجوار أمه وقلت لها: حسبي الله لقد ظلمتيني وظلمني ابنك فرد زوجي بكل غضب أنت طالق فأسرعت خارج البيت وخشيت أرجع لبيت والدي فيعرفون الخبر فربما يموت فيها أبي لأنه مريض بالقلب والسكري.ولا أدري ما ذا أفعل يا سيدي. اتصلت من مكتبي على الزوج وطلبت منه الحضور فلما حضر ولحسن حظ زوجته أن أمه اعترفت بخطئها وتدخلها الزائد في حياة ابنها وطلبت منه أن يسامحها وأن يرد زوجته لأنها اكتشفت بعد خروج الزوجة بدقائق لما فتحت الصندوق بأن به مفتاح سيارة جديدة اشترتها زوجة الابن لزوجها عوضا عن سيارته التي صار لها الحادث وأن كل مكالمتها السرية منذ شهر كانت لتجهيز وتخليص اجراءات االسيارة. في الجلسة تأسف الزوج لها وصالحها وذهبا لبيت الزوجية بعد أن حذرنا الزوج من تدخل أهله وأمه في حياتهما الزوجية. هذه القصة أعزائي القراء دفعتني لهذا السؤال الملح: لماذا يتدخل الاهل في حياة ابنائهم ؟ وما مخاطر ذلك التدخل؟ وكيف نتعامل معه؟ ومتى شرعا يكون تدخل الأهل واجبا؟ الحقيقة إن الأسباب متعددة، فبعضها يرجع إلى الأهل، وبعضها بسبب أخطاء من الزوجين تدفع الأهل إلى التدخل،ومن أهمها: شعور الآباء بالوحدة والفراغ بعد زواج الأبناء لضعف الصلات بباقي أفراد العائلة، وعدم قضاء أوقاتهم فى أى أنشطة. واعتماد الآباء على الأبناء بشكل زائد، كالانشغال بهم طوال الوقت، استبدال الأم زوجها الذى توفى بالابن الأكبر أو الولد الوحيد، الارتباط العاطفى أو النفسى للوالدين بالأبناء.. مثل الحالة التي ذكرناها. إلى جانب خوف الآباء من فقدان أهميتهم فى حياة الأبناء. وبالطبع عدم الاستقلال المادى، مما قد يسبب الكثير من الاحتكاكات ويعطى مجالاً للتدخل فى كيفية إنفاق المال وما إلى ذلك. وكذلك إخبار أحد الزوجين أهله عن كل شيء يحدث بينه وبين شريكه، أو عن كل شيء يخص شريكه. وهروع الزوجين إلى الأهل فور حدوث أى مشكلة بينهما، نتيجة لضعف التواصل بين الزوجين واحتياجهما إلى طرف ثالث ليحل لهما مشاكلهما.