القلق وأحلام اليقظة هما وجهان لشخصية واحدة؛ وهي الشخصية المبدعة صاحبة الخيال الابتكاري الغزير والخلاق. فإن كان القلق ينبهك إلى الأمور التي لا تريدين حدوثها في المستقبل، فإن أحلام اليقظة المتزنة تدلك على الأمور التي تريدينها في مستقبلك وتتطلعين إلى تحقيقها. وفي حين يتركك القلق مرهقة ومتخوفة وبلا طاقة للعمل، من المفترض أن تمنحك أحلام اليقظة "المتوازنة" قوة وإرادة ورغبة في الانطلاق نحو تحقيقها على أرض الواقع وأن لا تظل مجرد أحلام. يعتبر علماء النفس أن هناك أحلام يقظة إيجابية علينا أن نعززها كدافع للاستمرار والبحث عن طرق لتحقيق الأحلام أو التمرن لاكتساب الشجاعة في بعض المواقف. ولكن مهلاً، هل يمكن إن تنقلب أحلام اليقظة إلى كوابيس؟ ومتى وكيف يحدث ذلك؟ نعم يؤكد الطب النفسي أن أحلام اليقظة يمكن أن تصبح نقمة على صاحبها، حين تتحول إلى شبه بديل عن الواقع، فنجد الشخص عاجزاً عن التركيز في العمل أو الدراسة لأنه غارق في أحلام اليقظة، أو يبني قصوراً في الهواء ويتخيل علاقات وهمية وعاطفية وجنسية ويعيش فيها متخلياً عن الإنجاز على أرض الواقع. وإن كان الفرد يغرق نفسه في كون بديل يفضّله على الواقع ويلجأ إليه معظم الوقت، ففي هذه الحالة يعتبر الطب النفسي أن هناك اضطراب نفسي يحتاج إلى معاينة وعلاج. بل إن هناك دراسات تعتبر أنه مرض وليس مجرد اضطراب وقد يؤدي بحياة الإنسان إلى الانهيار أو التوقف عن الإنجاز والتقدم. وربما تمثّل سارة (شابة عمرها 28 عاماً)، هذه الفئة التي تعاني من قدرتها على البقاء غارقة في أرض الأحلام. تقول سارة إن كثافة هذه الأحلام بدأت تؤثر على حياتها بشكل غير عادي، فحين تبدأ الخيالات تتدفق في رأسها وتشتغل مخيلتها تظل جالسة في غرفتها لا تذهب إلى العمل ولا تعتني بأي شيء، وتحلّق بخيالها؛ أحياناً تحلم بأنها محبوبة أو أنها في مكان عام والجميع يصفق لها، وأحيانا تتخيل جسدها ناحل ورشيق بينما هي في الواقع بدينة، وأنها تتمختر بين الناس والجميع معجب بقوامها. تقول سارة إن الأمر بات مؤلماً وأن التخلص منه أشبه بمحاولة التحرر من الإدمان والصعوبة كبيرة وهي ليست واثقة من أنها قادرة على تحرير نفسها من هذه الأحلام. وتضيف إنها خسرت عملها بسبب العالم الموازي الذي تهرب إليه من الواقع، ما يجعلها معدومة التركيز وخاملة بلا أي نشاط. يقترح الطب النفسي عدة طرق ووسائل تساعد في السيطرة على الحالة المرضية من أحلام اليقظة، هنا عدة نصائح أساسية: # أن نرصد طبيعة أحلام اليقظة التي لدينا ونفهم دوافعها، فإذ وضعنا قائمة بالأحلام التي نظل نتردد عليها قد تكشف لنا السبب وراء تكرار نفس الأحلام واللجوء إليها ومحاولة حل مشكلتها في الواقع. # وضع قائمة بالسلبيات التي تقع كلما صرفنا وقتاً في أحلام اليقظة، وقراءتها يومياً. # تجنب البقاء بمفردنا في فترة العلاج منها، البقاء وسط الآخرين يجعلنا نبحث عن أمور ننجزها. يمكن طلب المساعدة من الأهل والأصدقاء المقربين، بحيث يمكن الدراسة معاً والقراءة معاً، كلما كنت بمفردك تسيطر عليك الأحلام وكلما كنت برفقة أحد تفكرين بالظهور واقعية وفي قمة تركيزك وهذا هو المطلوب. # محاربة الحالة بمجرد أن تبدأ، حين تشعرين أنك بدأت في فقدان الصلة بمن حولك والواقع عليك أن تقومي فوراً وتفعلي شيئاً حقيقياً، مثل الركض أو ممارسة الرياضة أو الرقص أو الطبخ المجهود الجسدي مهم في هذه المرحلة. # مارسي بعض التمارين الذهنية مثل أن تعدي محتويات الغرفة وتعيدي تذكرها وأنت مغمضة العينين، أو أن تكتب كل الكلمات التي تخطر في بالك وتبدأ بحرف نون مثلاً... هناك مئات الألعاب الذهنية المتوفرة في الإنترنت.