كتب الله الغيرة على النساء والزوجة التي تحب من الطبيعي أن تغار لا شك في ذلك. لأنه بهذه الغيرة تظل انوار الحب مشتعلة وليست نيرانه، ويظل الزوج يحس بقيمته ومكانته عندها. وطالما زوجته تغار عليه فهو سعيد وفرح بهذا الحب وتلك الغيرة طالما أنها لم تتحول لنار تأكل الأخضر واليابس بحياتهما الزوجية. ولكن وللأسف خلطت بعض الزوجات بين مفهوم الغيرة [من] والغيرة [على] . فالغيرة [من] تولد الطاقات السلبية وتقتل الحياة الزوجية؛ كمن تغار من حب الزوج لأهله أو تغار من انفاقه على أبنائه من مطلقته أو تغار من كلام بعض النساء معه بحكم طبيعة عمله. كل هذه أنواع سلبية من الغيرة وتستنفذ طاقات نفسية كبيرة من الزوجة وتخلق مشاكل قد تصل للانفصال . أما الغيرة [على] أي تغار عليه أن ينقصه شيء تغار عليه أن يحزن أن يتألم، فهذه الغيرة تولد الطاقات الإيجابية وهي تعني أيضا الغيرة على الزوج بتحقيق طلباته والتفنن في إسعاده والإبداع لجعله راضيا عاطفيا ونفسيا وجنسيا كل ذلك لأنها تغار عليه فتحتويه وتحافظ عليه. إن من أخطر ما نراه اليوم يهدد حياتنا الزوجية هو اندفاع الزوجة بغيرتها السلبية لتتبع الزوج ومراقبته ليل نهار والتفتيش في تليفونه والتنبيش وراءه بمواقع التواصل الاجتماعي. بل ويصل الحال أحيانا لمراقبته بالسيارة وكم من بيوت دمرت بسبب تلك الغيرة السلبية. ولذلك أنا أسأل اليوم كل زوجة تفعل ذلك: ماذا تريدين من ذلك التتبع والمراقبة لزوجك؟ هب أنك اكتشفتِ شيئا ما، هل تودين الطلاق ؟ هل ستضيعين بيتك وأولادك بسبب تلك الشكوك؟ أسألي كل الأطباء النفسيين وكل المستشاريين الأسريين وحتى رجال العلم والفقه هل يجوز لي فتح ومراقبة تليفون زوجي وتتبع خطواته والتجسس على مواقع التواصل؟ سيجيبك الجميع بجواب واحد: لا يجوز. والأمر أيضا يسري على الزوج فلا يجوز له تتبع ومراقبة الزوجة لأن شرعنا أمر بالستر على بعضنا البعض قال تعالى: "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن". تقول الزوجة صاحبة قصة اليوم: كنت ذاهبة لأحدى المولات لكي أشترى بعض الملابس وكان زوجي بمكتبه فقلت لنفسي أمر أسلم عليه واجعلها له مفاجأة وحين وصلت لباب مكتبه وكان مفتوح قليلا فسمعته يتحدث بنعومة عبر هاتفه فوقفت قريبة من الباب دون أن يراني لأسمع مع من يتكلم على التليفون فسمعت ما أشعلني أكثر ولكني تمالكت نفسي حيث كان يقول لامرأة يحدثها: أنا متأكد إنك جميلة وزي القمر ومشتاق إنى أشوفك اليوم. وتتابع الزوجة: جن جنوني ولكني أسرعت بالعودة إلى البيت. اتصلت بي الزوجة كمتخصص لتستشيرني وسألتني: ماذا أفعل؟ فقلت لها: ولا كلمة ولا عتاب وكوني طبيعية تماما حتى يظهر الله لك كل شيء. فاستجابت الزوجة. وبعد أسبوعين حضرت الزوجة وعلى وجهها علامات الفرح والشكر. وقالت: أمس جاء زوجي وأخبرني بأننا معزومين على عرس لابن عمه. وأثناء حديثه قال: الحمد لله ربنا رزق ابن عمي ببنت عندها دين وخلق لكن الفتاة التي كان ينوي أن يخطبها كانت فتاة سيئة الخلق . قالت له الزوجة: وكيف عرفت؟ قال: ربنا يسامحني وكان تصرف خطأ لكن ابن عمي ألح على أن أحاول التحدث لها والتغزل فيها لاختبار أخلاقها وسلوكها، وقمت بالتحدث إليها يوما ما من مكتبي من أسبوعين، فوجدتها مستعدة للخروج وليس عندها التزام ولا أخلاق فأخبرت ابن عمي فرفض أن يخطبها وقمت بعمل بلوك على رقمها وانتهت القصة. صحيح أنه تصرف خطأ مني ومن ابن عمي لكن هذا ما حدث. تقول الزوجة : تنفست الصعداء وأحسست براحة كبيرة واسترجعت ثقتي في زوجي واتفقت معه على أنه لا يجوز أن تضع نفسك بهذه المواقف مرة أخرى. فأرضاني ووعدني بذلك وحلت المشكلة ولولا أن الله كشفها بعد صبري وتماسكي لكنا اليوم منفصلين. وربما لو واجهته يومها وبرر لي ما يفعله لم أكن لأصدقه وركبت رأسي وطلبت الطلاق لكن الصبر وعدم التسرع أفضل الطرق لحل كل خلاف.