آلام في البطن، فقدان الوزن، اضطرابات هضمية وظهور دم في البراز، هي أهم العوارض التي تسبب القلق لدى الإنسان وتدفعه لاستشارة الطبيب على الفور خوفاً من الإصابة بسرطان القولون، الذي يعد من أكثر أنواع السرطانات انتشاراً في العالم.

يصيب سرطان القولون عادةً منطقة الأمعاء الغليظة. وتبدأ معظم حالات سرطان القولون كنتوءات صغيرة سليمة وغير سرطانية تدعى بالزوائد (البوليب) الغُديّة، قبل أن يتحول جزء من هذه الزوائد في مرحلة لاحقة إلى سرطان القولون، علماً أن هذه الزوائد لا تسبب أية أعراض في مراحلها الأولى. ولهذا السبب يوصي الأطباء بإجراء فحوص استقصائية دورية للكشف عن هذا المرض والوقاية منه، وذلك بتحديد هذه الزوائد وإزالتها قبل أن تصبح سرطانية. جاء ذلك على لسان عماد الرحماني، استشاري أمراض الجهاز الهضمي والتنظير والحاصل على شهادة البورد الأميركي في أمراض الهضم عن سرطان القولون.

ويوضح الرحماني أن الإصابة بسرطان القولون تحدث على أربع مراحل، تبدأ بظهور الورم وانتشاره في الطبقة السطحية الأولى (الجدار المخاطي) دون الطبقات الأخرى، ثم ينتقل الورم إلى جدار القولون دون أن يصل إلى العقد اللمفاوية، وفي المرحلة التالية ينتقل الورم إلى العقد اللمفاوية، ثم في المرحلة الأخيرة يبدأ المرض بالانتقال إلى الأعضاء الأخرى من الجسم كالكبد أو الرئة.

أما بالنسبة للأسباب التي تؤدي للإصابة بسرطان القولون، يشير الرحماني إلى أنه في أغلب الحالات، لا يوجد سبب واضح لحدوث سرطان القولون؛ فالسرطان يحدث عندما يحصل خلل في خلايا القولون في وحدات الشفرة الوراثية DNA، موضحاً أن الخلايا السليمة تنمو وتنقسم عادةً بطريقة منتظمة لكي تعمل أجسامنا بشكل طبيعي، لكن عندما تضطرب البصمة الوراثية وتصبح سرطانية، تستمر الخلايا بالانقسام والتكاثر حتى عند عدم الحاجة لذلك، ومع تراكم الخلايا الجديدة يتشكل الورم. وبمرور الوقت، تنمو الخلايا السرطانية لتغزو وتخرب أنسجة الجسم الطبيعية المجاورة، قبل أن تبدأ بالانتشار أكثر نحو أماكن وأعضاء أخرى من الجسم.

ومن العوامل الهامة التي تزيد احتمال الإصابة بالمرض أيضاً تناول غذاء قليل الألياف وكثير الدهون، أي تناول كمية قليلة من الخضار والفواكه والتركيز على الأطعمة والوجبات السريعة والحلويات. وقد أظهرت دراسات عديدة وجود ترابط بين الغذاء الذي تتناوله الشعوب الغربية وسرطان القولون، حيث تعتمد تلك الشعوب في نظامها الغذائي على الأطعمة التي تحتوي نسباً عالية من الدهون وكمية قليلة من الألياف وذلك بسبب تناول الكثير من الوجبات السريعة والقليل جداً من الخضار والفواكه، وهذا النظام الغذائي يرفع من خطر الإصابة بسرطان القولون. كما أشارت دراسات أخرى إلى إمكانية زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون لدى الأشخاص الذين ينتقلون من منطقة يتناول فيها السكان أطعمة كثيرة الألياف وقليلة الدهون إلى منطقة يعتمد سكانها على أطعمة قليلة الألياف وكثيرة الدهون.

ومن العوامل الأخرى التي تزيد من خطورة الإصابة بهذا المرض، نمط حياة قليل الحركة، والسكري، والبدانة، والتدخين.

ويوضح الرحماني أن هناك العديد من العوارض والعلامات التي تشير إلى الإصابة بسرطان القولون والتي تستدعي استشارة الطبيب على الفور، وأهمها تغير في عادات التبرز، ويتضمن ذلك الإصابة بالإسهال أو الإمساك أو تغير في شكل أو تركيب البراز لأكثر من أربعة أسابيع، ونزول دم من الشرج أو ظهور دم مع البراز، واضطراب مستمر في البطن كالمغص والمعاناة من الغازات والشعور بالألم، والشعور بأن الأمعاء لم تتفرغ كلياً والمعاناة من النفخة الدائمة، والشعور بالتعب أو الضعف العام في الجسم، وأخيراً نقص الوزن بدون سبب واضح.

وبالإجابة عن سؤال حول السبب الذي يدعو المنظمات الصحية دائماً للكشف المبكر عن المرض؟ أوضح الدكتور الرحماني أن الكشف المبكر عن سرطان القولون يؤدي إلى تحسين احتمالات الشفاء بشكل كبير، كما تؤكد الدراسات العلمية فعاليته الكبيرة في خفض نسبة الوفيات جرّاء هذا المرض، مؤكداً على ضرورة أن يبدأ الفحص الدوري للكشف عن سرطان القولون عند الطبيب في أواخر الثلاثينيات أو بداية الأربعينات. وتابع أنه هناك عدة خيارات للفحص الدوري ولكل منها حسناته وسيئاته، لذلك يجب على المريض مناقشة ذلك مع طبيبه لاختيار الفحص المناسب لكل حالة. وإذا كان لدى الشخص أية علامات أو أعراض سرطان القولون غالباً ما يقوم الطبيب بالنصح بإجراء منظار للقولون، وهو عبارة عن أنبوب رفيع ومرن متصل بكاميرا فيديو يمكن أن يرى الطبيب من خلالها كامل القولون على شاشة عرض خاصة. وعند الحاجة يمكن للطبيب إدخال أدوات دقيقة بالمنظار لأخذ العينات أو لإزالة الأورام الصغيرة.

وفي ما يخص معالجة هذا النوع من السرطان، يقول الدكتور الرحماني أن طريقة العلاج تعتمد على مرحلة الإصابة حيث يمكن علاج هذا النوع من السرطان بالمنظار أو العمليات التنظيرية أو استئصال جزء من القولون والعقد اللمفاوية جراحياً. وفي المراحل المتقدمة من المرض، يلجأ الأطباء للأشعة أو العلاج الكيمائي مع استخدام بعض الأدوية الخاصة. ولا يعتبر سرطان القولون مرضاً مميتاً بفضل التطور المستمر في أساليب التشخيص والعلاج، لذلك فإن علاج هذا المرض ينجح في أكثر الأحيان.

واختتم الدكتور الرحماني حديثه بالتأكيد على أن الوقاية دائماً خير من العلاج، وينصح جميع قارئات "أنا زهرة" بإجراء الفحوصات الدورية واتباع نظام حياة صحي عبر الإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالألياف الغذائية كالخضار والفواكه والتقليل من تناول الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة، كالوجبات السريعة والأطعمة المقلية، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام والإقلاع عن التدخين وتخفيض الوزن في حال المعاناة من البدانة لمنع الإصابة بسرطان القولون الذي يعتبر من الأمراض التي يمكن الوقاية منها.