حين تشاهدين صورة منتشرة في فيسبوك، تذكري أن الصورة لحظة، هناك قبلها وبعدها، وأنه هذه اللقطة هي جزء صغير من حادثة أكبر. قد تخطر لك هذه الفكرة بعد أن تقرأي الهجوم و"الجلد" بالكلمات العنيفة على فتاة محجبة تواجدت في مكان تفجير لندن، الذي وقع الأربعاء الماضي، ووصفها بأبشع الأوصاف التي جردتها من إنسانيتها ووصفتها بالوحش وبأنها عديمة الرحمة. في الصورة من بعيد تظهر الفتاة وهي تمر من جانب أحد المصابين دون أن تلتفت إإليه، كما لو أنها غير مبالية وتجري اتصالا هاتفياً. إلا أن الحقيقة أبعد من ذلك، ففي تصريح لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية، قال ملتقط الصورة المصور جيمي لوريمان، إنه لاحظ خروج الفتاة والعديد من الناس من موقع الهجوم بالقرب من جسر ويستمنستر، لافتاً إلى أنها لم تكن تنظر إلى هاتفها، بل بدت عليها علامات الرعب وهي تمر مسرعة من أمام أحد الجرحى، مضيفاً أن الفتاة كانت في حال من الصدمة". هذا التوضيح لم يكن كافياً بل استمرت الإهانات ومشاركة صورة الفتاة بوصفها تمثل ثقافة عنف بأكملها. الأمر اضطر الفتاة إلى التصريح في صحيفة "ديلي ميل"، أن الصورة التقطت لها بعد أن كانت قد انتهت لتوها من مساعدة أحد الجرحى، وأنها كانت في حال من الصدمة القصوى. وقالت إنها ذهلت، بل صدمت من حجم تداول صورتها، واتهامها بأنها عديمة الرحمة والشفقة. وأضافت: "أنها لم تكن فقط أمام معضلة معالجة آثار الصدمة المروعة التي عاشتها لحظة الهجوم، بل كان عليها أيضاً أن تواجه صدمة أخرى، صدمة صورها المنتشرة والمذيلة بعبارات وانتقادات مسيئة". وأكملت: "ما لم تظهره الصورة هو أنني تحدثت إلى شهود عيان آخرين كانوا في موقع الهجوم، لأعرض مساعدتي بأي طريقة". وقالت إنها ابتعدت قليلا عن المكان للاتصال بعائلتها لطمأنتهم أنها بخير.