كنت بالأمس مشغولا كعادتي بكتابة أعمالي على الكمبيوتر، ومثلي مثل أي أب كنت منهكماً جدا في عملي في الوقت الذي كان يحكي لي ابني الصغير "يوسف" عن أصحابه وعن إنجازاته ومهارته في التدريب بالنادي وبالمدرسة وظل يحكي وانا بالحقيقة كنت لاهٍ تماماً ومشغولا عنه أقول في نفسي:   "طفل سينتهي من حديثه ثم سيخرج ليكمل لعبه خارج الغرفة"، وأثناء انشغالي ونظري بالكمبيوتر إذا بي أفزع وتتوقف يدي عن الكتابة ويتجه كل جسدي ونظري وعقلي لولدي يوسف وهو على باب الغرفة يقول لي: "على فكرة أنا لما أكبر لن أستمع لك إذا جئت لتكلمني ولن ألتفت لك مثلما تفعل معي" ثم خرج من الغرفة حزينا منكسرا، فهرعت وراءه أصالحه وأعتذر له وأعده بأني لن أكرر ذلك معه لأنه يستحق مني الانتباه ومن حقه على أن أستمع له وأهتم به. والله كانت كلماته صدمة كبيرة لي كأب أيقظتني حركتني لأكتب لكل أبوين مثلي وقعا بنفس خطأي -وما أكثرهم -لأقول لهما: -استمعوا للأبناء واصبروا لحديثهم مهما كان بنظرك تافه لأنه سيأتي اليوم الذي يكبرون فيه وتتمنى وأنت عجوز كبير السن أن يسمعوك. -حاورهم علموهم وجهوهم للصواب ولن تحققوا ذلك إلا حين تسمعون منهم في أي شيء أخطأوا.وكيف أخطأوا. -استمتعوا بكل لحظة مع أولادكم لأن غدا سيكبرون وتتمنى حينها أن تجالسهم لكنهم سيكونون بحياتهم قد انشغلوا عنك. فالكل سيكبر وسيتزوج ويخرج لحياته الخاصة فلا تفوت اليوم لحظة قربك منهم فإنها إن ذهبت فلن تعود. - استمع لهم ولاعبهم ولاطفهم ولا يشغلك عنهم جلسات المقاهي ولعب الشطرنج مع أصدقائك لتجدهم عند الكبر فمن زرع حصد.وكما تدين تدان. -أيها الآباء: استمتعوا معهم وأمتعوهم بالضحك والمرح والحب قبل أن يكبروا وتتمنوا ساعتها أن يعود الزمان للوراء ولن يعود. -اليوم يحاولون الحديث معكم وغدا ربما تنتظرون منهم الكلمة فلا تجدونها لأنهم صاروا مع أصدقائهم وأسرهم. -اليوم يتمسح بي ولدي الصغير ليخرج معي بأي مكان أو يجلس بجواري في السيارة، أما غدا فسيرفض الخروج بحجة أنه كبر وما يريد الملاهي التي كان يتحايل ويبكي لنصحبه إليها. -اليوم رصيد قلوبهم لكم كله أيها الآباء لكن غدا سيدخل قلوبهم من يشغلهم عنكم إلا إذا كبرَّتم وعليتم رصيدكم في قلوبهم منذ الصغر. "بروهم في الصغر يبرونكم في الكبر" وشكرا لك يا ولدي لأنك بكلمتك فجرت بداخلي كل تلك الكلمات