نخوض غِمار الريجيم كمن يخوض حرباً ضرُوساً وفي البالِ: القَدّ الجميل! لكن ماذا لو خضنا الحرب على الوزن الزائد وأتت النتيجة لا رابح ولا خاسر؟ ماذا لو بقي الوزن ثابتاً على الرغم من المحاولات الحثيثة لاتّباع أقصى درجات الحيطة والحذر في الطعام والشراب؟ نستسلم؟ فلنُعدّ للعشرة قبل أن نتراجع في نصف الطريق، ولنسأل بصوتٍ عالٍ: هل هناك كيلوغرامات عصيّة على الريجيم؟ أم أن ريجيمنا عَصيٌّ على التطبيق الصحيح؟     هل تتذكرون متى كانت آخر مرّة حاولتم فيها الإصغاء إلى نداءات أجسامكم؟ نسيتم؟ لستم وحدكم فكلنا ننسى أن أجسامنا تحاول أن تقول لنا أحياناً، أشياءً وأشياء عبر الألم وعبر الجوع وعبر المشاعر المختلفة التي تجتاحنا أحياناً فجأة ونجهل أسبابه، وحتى عبر عنادها ورفضها الاستجابة للريجيم. فلماذا هذا الرفض؟ وهل هناك أسباب مباشرة واضحة تُعلّل عدم استجابة الجسم بالسرعة المتوقعة؟   نسمع دائماً من يقول، من المعنيّين وغير المعنيّين في شؤون الريجيم، إن عدم استجابة الجسم حالة واقعية عادية، تلي خسارة الجسم كيلوغرامات عدة بُعيد بداية الريجيم، وطبيعي أن يتمهّل الجسم لاحقاً أياماً عدّة أو أسبوعاً أو ربما أكثر، قبل أن يعود ويتنازل عن كيلوغراماته الزائدة. فهل هذه المعادلة صحيحة؟   لا يُشبه أي إنسان إنساناً آخر جينيّاً. وبالتالي، ثمة أناس يتمتعون أكثر من سواهم بزيادة في معدل حرق السعرات الحرارية، وبالتالي ينجحون في التخلص من الوزن الزائد، إذا قرروا، بسهولة، لكن حتى هؤلاء، ذوو معدل الأيض المرتفع، يبلغون نقطة معينة في حمياتهم، يتباطأ فيها التمثيل الغذائي بسبب محاولة الجسم الحفاظ على استقرار وزنه. فالجسم يتمتع، مثل كثيرين من أصحابه، بذكاء وهو يسعى إلى أن يُحافظ على استقرار وزنه كي لا يهبط إلى ما دون نقطة معيّنة، فنراه يستعيد بسرعة ما خسره إذا أخلّ صاحبه بحميته ولا يخسر وزناً بسهولة إذا تضوّر جوعاً. وتلعب الجينات دوراً في هذا، حيث إنّ هناك جينات تكون أقسى في مُعادلة خسارة الوزن من جينات أخرى.   هل هذا معناه أن نُردّد في كل مرّة نكسب فيها وزناً: هو ذنب جيناتنا؟ وهل نُكرر هذا حين نمارس حمية فاشلة؟ لا. لأن المثابرة قادرة على اجتراح التغيير. ثابرتُم ولا يزال الوزن جامداً؟ تعالوا نبحث في النقاط الإضافية التي تمنع خسارة الوزن، أو التي تجعلنا نظن أننا لا نفقد وزناً، والتي نُدرجها في 16 سبباً؟   1 - نفقد أحياناً شحوماً ودهوناً من دون أن نلاحظ أي تغيير ملموس في إبرة مقياس الوزن، فيمتلئ الجسم بالماء مثلاً، نظراً إلى طبيعة الطعام التي نتناولها بدل الدهون التي نخسرها، أضف إلى ذلك أن الهرمونات النسائية قد تلعب هي أيضاً دوراً في جعل الجسم يحتفظ بكميات عالية من الماء. وربما نكون نكسب عضلات بدل الدهون التي نخسرها. وهذا ممتاز كون الهدف الأول يفترض أن يكون خسارة الدهون ثم الوزن. في كل حالة إذا شعرتم بالقلق من عدم خسارة الوزن استخدموا ماسورة قياس الخصر والبطن والرّدفين، فقد تعطيكم نتيجة أدق في هذه المرحلة من مقياس الجسم العادي.   2 - قد يكون سبب عدم خسارة الوزن هو أننا لا ننتبه إلى طبيعة ما نأكله. لذا، يفترض في هذه المرحلة تسجيل كل ما يدخل من الفم إلى المعدة ومُراجعة النتيجة في المساء.   3 - عدم تناول ما نحتاج إليه من البروتينات قد يكون سبباً إضافياً يمنع خسارة الوزن. وفي هذا الإطار نعلم أن البروتين هو أحد أهم العناصر الغذائية التي تساعد على فقدان الوزن. وفي النّسب، يكفي أن نحصل على ثلاثين في المئة من السعرات الحرارية اليومية من البروتين كي نرفع معدل التمثيل الغذائي نحو مئة سعر حراري يومياً، كما أن هذا يساعد على خفض الشهيّة.   4 - قد يكون السبب في جُمود الوزن هو أننا نتناول كميات قليلة من الطعام لكن ذات السعرات الحرارية العالية، وهذا لن يفيد طبعاً أبداً إذا كنا نحاول التخلص حقاً من بعض الكيلوغرامات الزائدة.   5 - ماذا عن نوعية الأطعمة التي نتناولها؟ هل نتناول الأطعمة الجاهزة التي توصف في الإعلانات: صحية؟ علينا أن ننتبه منذ الآن أن كثيراً من الأطعمة المصنّعة التي يُروّح لها بطبلٍ وزمر، ليست صحية أبداً.   6 - فلنمارس بعض التغيير في السلوكيات اليومية كرفع الأوزان مثلاً، حيث تَبيّن أن الجسم يحتاج إلى أن يواجه ببعض أشكال المقاومة، لاسيّما بالرياضة، من أجل الحفاظ على العضلات الثمينة التي غالبا ما تحرق جنباً إلى جنبٍ مع الدهون. الرياضة إذن رائعة، وهي ترفع مُعدّل التمثيل الغذائي أيضاً.   7 - هل نأكل بشراهة؟ سؤالٌ لا بُدّ من أن نطرحه على حالنا، لأن الشراهة تجعلنا نأكل من كل شيء، من أي شيء، بسرعة قبل أن نستوعب كمية ونوعية ما التهمناه. ولنتذكر هنا أن حفلاً واحداً في الأسبوع، نسمح خلاله لأنفسنا بأن نأكل أي شيء، كفيل بتدمير محاولاتنا التخلص من الوزن الزائد كل الأسبوع.   8 - فلنقم برياضات المشي والركض والسباحة، لأنها أحد أفضل الطرق المساعدة في تحسين الصحة، كما أنها فعالة جداً في حرق الدهون التي تتراكم في البطن والأحشاء حول الأعضاء وتسبب الأمراض.   9 - هل تدرون أن المشروبات السكرية هي أحد أهم العناصر التي تمنعنا من خسارة الوزن؟ هل تعلمون أن أدمغتنا غير قادرة على احتساب حجم السعرات الحرارية في هذه المشروبات، وبالتالي تناولها لا يؤدي لا إلى الشبع ولا إلى جعلنا نأكل أقل. فلنبتعد عنها إذا كنّا نريد خسارة الوزن.   10 - ماذا عن النوم؟ هل ننام بشكلٍ كافٍ؟ هل نأخذ قسط الراحة الذي نحتاج إليه؟ أسئلة لا بُد منها عند محاولاتنا الحثيثة لخسارة الوزن، حيث إن النوم واحد من أهم الأشياء التي يجب مُراعاتها من أجل صحة جسدية وعقلية وحتى روحيّة. وفي هذا الإطار تُظهر إحدى الدراسات أنّ قلة النوم من أكبر عوامل الخطر المسبّبة للسمنة.   11 - إذا كنّا نريد حقاً إنقاص الوزن، فلا بُدّ من تقليص نسبة الكربوهيدرات في غذائنا اليومي، وبالتالي أي ريجيم قليل الدسم لكن غير منخفض الكربوهيدرات لن يكون فعالاً. أضف إلى ذلك أن الوجبات الغذائية منخفضة الكربوهيدرات تؤدي أيضاً إلى تحسّن في عديد من علامات التمثيل الغذائي، مثل الدهون الثلاثية والـ«كوليسترول» والسكر في الدم.   12 - ثمة من ينصح من خبراء التغذية بتناول الطعام بمعدلات متفاوتة طوال النهار، بمعدل مرّة كل ساعتين أو ثلاث، من أجل زيادة التمثيل الغذائي وفقدان الوزن، لكن، في المقابل، هناك من يهزأ من هذه المعادلة، معتبراً أنها غير مُريحة وتجعل الإنسان منهمكاً بنفسه طوال النهار، ويتناول كميات أكثر ربما ممّا يحتاج، وبالتالي لا بُدّ من نظام غذائي آخر يتمثل في الانقطاع أو الصوم عن الطعام فترات طويلة. في كل حال، لكم أن تختاروا بين الحلّين في حال واجهتهم عدم القدرة على فقدان الوزن.   13 - ماذا عن كمية الماء التي نتناولها يومياً؟ هل هي كافية؟ الماء مُفيد للجسم وله، في آنٍ، فوائد في إنقاص الوزن. وتُبيّن دراسة، أن الأشخاص الذين يتناولون نصف ليتر من الماء قبل ثلاثين دقيقة من وجبات الطعام، يخسرون 44 في المئة أكثر من أوزانهم. عليكم إذن تناول المياه حلاً.   14 - فلنبدأ منذ اليوم بتناول الطعام من دون أي تشتُّت أو تشتيت أي بوعي كلّي، ولنجلس نحن وطعامنا، ولنتلذّذ بكل لقمة وطعم، ولنتناول الطعام ببطء ولنمضغه جيداً، ولنستمتع بألوانه ونكهاته وروائحه، وعندها قد نشعر بالشبع أسرع. وهذا لا بُدّ أن يساعدنا من أجل التحكم في أوزاننا أكثر.   15 - من يعاني حالات صحية خاصة، قد يجد صعوبة أكثر في خسارة الوزن، لا بل قد يخضع لحمية غذائية، وبدل أن يخسر وزناً يكسب الوزن! ومن هذه الحالات الغدة الدرقية أو مُتلازمة المبيض متعدّد الكيسات، أو توقف التنفس أثناء النوم. كما يمكن أن تكون بعض الأدوية مسؤولة عن عدم فقدان الوزن.   16 - ثمّة سبب آخر قد يجعلنا غير راضين عن نسبة انخفاض الوزن، وهو أننا نملك توقعات غير واقعية! فكلنا نطمح إلى أن نفقد الوزن الذي نريده في خلال أسبوعين أو ثلاثة وهذا مُحال. إنقاص الوزن لن يكون بين ليلة وأخرى، كما أن الأجسام الرائعة التي نراها في الـ«فيديو كليب» والمجلات ليست كلها «مثالية»، ويُستخدم في بعضها الـ«فوتوشوب». لذا، فلتكن توقعاتنا واقعيّة كي نبلغ أهدافنا.   يبقى أننا إذا أردنا فعلاً خسارة الوزن، فعلينا ألا نُركز على الريجيم أو «الحرمان الغذائي»، بل أن نجعل الريجيم الغذائي الصحي أسلوب حياة، والأهم من كل هذا ألّا نسقط في نصف الطريق، بحجّة أننا نحرم أنفسنا ولا ننحف، لأننا سنستيقظ ذات يوم ونقف على الميزان، وسنُفاجأ بأنّ ما لم نُحقّقه في الأسابيع القليلة الماضية أنجزناه اليوم. فالقدّ الميّاس تعجز معه مقولة: كن فيكون!