يقتضي علاج مرض سرطان الثدي في كثير من الأحيان استئصال الثدي بالكامل، ولا يمكن لمن لا يعرف هذه التجربة أن يفهم حجم الأذى النفسي الذي يلحق بالمرأة، فهي تخضع لعمليات كثيرة تجردها من ملامح أنوثتها بالتدريج، مرحلة العلاج الكيميائي تفقدها شعرها وحاجبيها ويأتي الاستئصال ليخطف منها ثديها، فتشعر بالتشوه والخوف والحزن الشديد، وهي مشاعر تحتاج من يراعيها ومن يقف إلى جانبها فيها، سواء بالطب النفسي أو بالمساندة العائلية والاجتماعية.   وتشير إحدى الإحصائيات الأوروبية، إذ من الصعب إجراء مثلها في العالم العربي، فإن امرأة من بين كل ثلاث نساء أستأصل الأطباء لهن الثدي، قد تطلقت بعد العملية، فلم يستطع الرجال تحمل الصورة أو لم تستطع هي الاستمرار في العلاقة وفقدت ثقفتها بنفسها، هل لأنّها أقلّ جمالاً؟ أو لأنّها تحمل ندوباً؟ في الغالب هي صورة الذات التي تغيّرت والتي تنتهي بمشاكل بين الأزواج. ثمّة أمور لا تُناقش، بالإضافة إلى أنّ المرأة تعاني الضغط النفسيّ المرتبط بكيفيّة رؤيتها لذاتها. بل إن كثير من النساء لا ينظرن لأنفسهن بعد العملية في المرآة.   ولدى كثير من النساء أسئلة تتعلق بالتجميل في هذه الفترة، وهنا ثمة مدارس وآراء مختلفة من الطب، منها ما يقول يمكن إجراء التجميل والعلاج معاً ولا يعيق أحدهما الآخر. وأصحاب هذا الرأي يميلون إلى أن التجميل يساعد المرأة نفسيا في محنتها، لكي لا تزيد حالتها النفسية سوءاً، كما أنه يجنبها الخوض في آلام جسدية ونفسية من جديد بعد الانتهاء من العلاج، لكي لا تبدأ من جديد في الدخول إلى المستشفى وتحمل المزيد.   وهناك مدارس تفضل القيام بعملية العلاج كاملة، وعند الانتهاء منها يبدأ الأطباء في التفكير مع المريضة في طرق التجميل المناسبة لها. وأصحاب هذا الرأي يفضلون أن تعيش المرأة حزنها على جسدها وحدادها على ثديها وأن تنتهي منه قبل أن تفكر بطريقة سليمة في التجميل.   يقول الأطباء إن أول سؤال تسأله المرأة بعد أن تعرف أنها مصابة بسرطان الثدي وأنها ستبدأ العلاج هو: هل سوف أفقد شعري؟ إذ يحطم المسّ بكلّ ما له علاقة بالأنوثة المرأة. فكيف حين تفقد ثدياً.   وفي حال كانت العلاقة بين المريضة وشريك حياتها هشّة بعض الشيء، فإنّ الأمر من شأنه أن ينعكس سلباً عليهما، وتنقطع حتى العلاقة الحميمة بينهما، وفي هذه المرحلة، تعيد المرأة تقييم نفسها فتطرح أسئلة وجوديّة كثيرة، وتشعر أن الزوج في كثير من الأحيان يتطلّع إلى نساء أخريات.