لو عمد أحدهم، من باب المزاح، إلى تخويف زوجته بالقبوع خلف الباب وإطلاق صرخة مُرعبة لحظة مرورها، ستجفل المسكينة وتشهَق، فتؤنّبه بالقول: «خلعتني» (إذا كانت مغربية)، أو «الله، خضّتني يا راجل» (مصرية)، أو «يُوه، نقّزتني» (لبنانية أو شامية)، أو «خرّعتني، الله يخرّعك» وأحياناً «فزّزتني، الله يفزّزك» أو «جَفّلتني، الله يجفّلك» (عراقية وخليجية)، وما إلى ذلك. لكن، لماذا «تنخلع» و«تختض» و«تنقز» و«تخترع» و«تفِزّ» تلك السيدة جرّاء مزاح زوجها الثقيل؟ وعموماً، لماذا نجفل عندما نتفاجأ أو نخاف، وأحياناً ربما حتى عندما نتلقَّى بشرى سارّة؟     يقول بعض العلماء، ومنهم البريطاني ديزموند موريس، إنّ الجفول ينجم عن إشارة هرمونية تسببها جزيئة كيميائية تنبعث من المخيخ. والهدف من بث تلك الإشارة ينصبّ على إعانتنا على مقاومة حالة خطيرة مُباغتة، أو الهرب منها. فتلك غريزة تضعنا في حالة تأهّب وتَهيّب تجاه ما هو مُفاجئ أو مبهم أو مجهول الهوية أو غامض العاقبة.   فالإنسان القديم، على سبيل المثال، كان يَجْفل لصوت الرّعد ووهج البرق، لأنه لم يكن يفهم كنههما. الآن، صرنا ننتفض لأمور أخرى، مثلاً عندما ندوس على ذيل قطة بالغلط، فتموء ألماً، فنسمع فجأةً مواءً حاداً غير متوقّع، في هيئة «مياووو» مدويّة، آتياً من تحت أقدامنا. فللجفول مفعول ساعة تنبيه. إذ يؤدي إلى شد عضلات الجسم كلها، وجعلها متأهّبة لتسديد لكمة للمعتدي، إذا كان اعتداءً، أو إطلاق الساقين إلى الرّيح عند الضرورة.   رَوَت لي صديقة أنّ أمها، وهي ليست من الوزن الخفيف بتاتاً، قفزت في لمح البصر على الطاولة بعدما دبّ فيها الهلع جُفولاً لرؤية فأرة تدبّ في ركن المطبخ. ولولا تلك الجزيئة الكيميائية العجيبة، لكابدت تلك السيدة الضخمة حتى في النهوض من كرسيها، فما بالك وأن «تنط» على الطاولة في رمشة عين، وبتلك الخفة؟ لكن، لسوء الطالع، لا تُباع تلك الجزيئات في الصيدليات. لكانت نفعت في إيقاظ شعوب نامية هي أحياناً بالأحرى «نايمة». لا نذكر أسماء، إذ ربما حزرتم.