بعد مرض الزوج الشديد لدرجة أقعدته عن العمل، نظرت الفلسطينية رنيم صفدي إلى محل الحدادة الذي يمتلكه زوجها وأصابتها الحيرة. ما الذي يمكن فعله لإعالة الأسرة؟ إما أن تخرج للبحث عن عمل في قرية عوريف الصغيرة (جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية) أو تمد يدها لطلب المساعدة من الأقارب. لكن رنيم (30 عاما)، قررت أن تعمل بكرامة في محل زوجها، فحملت آلة قصّ الحديد، التي تخشى منها النساء عادة، وبدأت بالتدرب على قص لوحٍ حديدي كبير. تقول رنيم وقد تلوثت بسواد الحديد "منذ أربع سنوات وأنا أعمل داخل هذه الورشة الملاصقة لبيتي"، وتضيف "الحياة أجبرتني على اقتحام هذا المكان، فقد مرض زوجي ووصل إلى مرحلة لم يكن يقوى خلالها على العمل". وعن تعلم المهنة تقول "وضعنا المادي لم يسمح لنا بأن نستعين بعامل، يساعد زوجي بورشة الحدادة خلال مرضه، فكنت أقف معه، أساعده وأعطيه ما يحتاجه من الحديد أو الأدوات، ومع الوقت حفظت أسماء أنواع الحديد، وكل شيء يتعلق بالحدادة، وبدأت بالعمل بيدي". وعند شراء المواد الخام، ترافق رنيم زوجها أمجد عوريفي إلى التجار وتفاصلهم في الأسعار حتى أنها تفوقت عليه في ذلك، تقول "بعض التجار يمازحون زوجي ويقولون له لا تحضر زوجتك معك المرة القادمة، فهي تأخذ السعر الذي تريده، في إشارة إلى قدرتي على مفاصلتهم جيداً". ويقول أمجد عوريفي، بخصوص موقف الناس من عمل زوجته، "رضا الناس غاية لا تدرك، ومن الطبيعي أن تساعد المرأة زوجها، زوجتي تحب عملها أكثر من أيّ عمل آخر قد يراه الناس مناسبا للنساء". تصنع رنيم النوافذ والأبواب وتركبها في المنازل، وتبين "في البداية كان الأمر غريبا للناس، خاصة أني أعيش في قرية لها عادات وتقاليد معينة، والناس ليسوا معتادين على رؤية فتاة في ورشة حدادة، لكن عندما اضطررت للعمل، ولم يكن هناك من يساعدنا، لم أتردد لحظة، وأنا الآن أحب عملي، ولا أستطيع أن يمرّ يوم دون أن أعمل بالورشة".