في كتاب بعنوان "العنف الأسري.. رجال يتكلمون"، للباحثة اللبنانية، عزة شرارة بيضون، وقد صدر قبل أيام في بيروت، أجرت الكاتبة دراسة لمعرفة وجهة نظر الرجال الذين مارسوا العنف ضد زوجاتهم، وكيف يفسرونها. شملت الدراسة 11 رجلا تم توزيعهم إلى فئتين، ضمت الفئة الأولى 9 رجال البعض منهم تلقوا أحكاما بوجوب عدم التعرض لزوجاتهم، في حين نال بعضهم الآخر حكما بوجوب الخضوع لجلسات تأهيلية برعاية منظمة غير حكومية. أما الفئة الثانية، فتضمنت رجلين لم يتعرضا لأي شكوى، بل تقدّما طوعا للعلاج النفسي رغبة منهما في التخلص من سلوكهما العدواني. وأظهرت الدراسة أن الرجال المشاركين يختلفون في جميع سماتهم بدءا بالعمر والمنطقة التي يقطنونها، مرورا بالدين وسنّ الزواج، وصولا إلى المستوى التعليمي، وهو ما يؤكد أن العنف ليس كما يشاع مرتبطا بالأشخاص الأقل تعليما أو بهذا الدين أو ذاك. تقول بيضون "على الرغم من أن الرجال راشدون إلا أنهم لم يطوّروا وسائل تفاوض خاصة بهم، بل إنهم يلجأون أحيانا إلى ممارسة العنف ضد زوجاتهم". كما نبّهت بيضون إلى أن الشائع هو أنّ تعنيف الزوجة يقتصر على الرجال الأقل تعلما ومن ينتمون إلى الطبقات الدنيا والمهن الوضيعة، وهو ما تنفيه الدراسة التي أظهرت وجود أكثر من حالة من فئة الرجال الحائزين على درجة علمية عليا أو وسطى أو من ذوي المهن العليا. تبيّن الدراسة أيضاً أن النساء اللواتي تعرضن للعنف في العيّنة نصفهن تقريبا ربات بيوت، وليس كما يشاع عاملات يستفز نجاحهن الزوج. وتصف الكاتبة المعنّفات بالهشاشة وقلّة الحيلة ويعبّرن عن يأسهن وعجزهن عن تغيير حياتهن. وفي المقابل يصف الرجال المتّهمون بممارسة العنف والمعترفون به زوجاتهم بأوصاف مختلفة كليا، مثل متمردات وناشزات وعنيدات وباردات جنسياً ومهملات في النظافة وأمهات غير صالحات أو ربما يقول الزوج إنها تريد أن تكون رجل البيت. ويرى الأزواج الذين يستخدمون العنف أن الزوجة تستحقه لأنها لا تنسجم مع "تصوراته للأدوار التي يفترض أن تؤديها والسمات الأنثوية التي يتعيّن عليها أن تتحلى بها". كما ألقت الدراسة الضوء على الازدواجية في تعريف الاغتصاب الزوجي، وقالت إن رجال العينة لا يرون في إكراه زوجاتهم على الجماع اغتصابا، في حين تروي النساء "فظاعة الإكراه هذا". كما أشار الرجال الذين شملتهم الدراسة إلى أن كل تدخل خارجي من أسرة أو أصدقاء أو دولة أو قانون في محاولة لإيقافه عن العنف، يؤجج غضبهم ويزيد من رغبتهم في ممارسة العنف، بل إنه يكون رد الفعل الطبيعي عندهم. الرجال يعتقدون أيضاً أن الزوجات تستدرجهم للعنف، وأن لديهم خيبة أمل في زوجاتهم، وأنه تزوج امرأة وانقلبت إلى أخرى، فعليها أن تتحمل مسؤولية العنف الذي تتعرض إليه. وفي ختام بحثها توصلت بيضون إلى نتيجة مفادها أنّ "ما يحرّك سلوك الأزواج جميعا هو شعورهم بالعجز عن السيطرة على زوجاتهم وإدراكهم لضمور مواردهم التي تسمح لهم بإدارة أحوال أسرهم، وفق ما يشتهون".