مرض الإنفصام كغيره من الأمراض النفسية الوظيفية التي تسبب معاناة هائلة للأفراد وأسرهم. والذي يضع عبءً كبيراً على أنظمة الرعاية الصحية على الرغم وجود العديد من الإبتكارات العلاجية الناجحة على مدى العقدين الماضيين، و لا يزال معدل الإصابة يصل إلى 80? خلال خمس سنوات ويميل المرض لكونه مرض مزمن. وتشير التقديرات في جميع أنحاء العالم إلى أن مرض الإنفصام يقع في مرتبة أعلى خمسة عشر من أمراض الاضطرابات الصحية التي تسبب الإعاقة. وتصل نسبة الوفيات بين المصابين بالإنفصام ما يقارب من 50? (حوالي 10? منهم ينتهي بهم المطاف إلى الانتحار).

المعايير المستخدمة لتشخيص الإنفصام قد تغيرت على مر السنين. منذ الأيام الأولى من "كريبلين" والطبعة الأولى من التصنيف الدولي للأمراض (ICD1)، الذي يوصف الإنفصام بأنه تدهور في الحالة العقلية (ديمينتيا بيكوكس - (dementia paecox) ، وحتى أيام أعراض المرتبة الأولى من شنايدر في عام 1959 والذي أصبح سمة أساسية في تشخيص المرض. وجاء بعدها إضافة تبين إدراك الضعف في المعايير المميزة للتشخيص وأحدث طبعة من DSM والنسخة الجديدة(ICD11) التي سيتم نشرها قريباً (وذلك مع المشاكل المصاحبة من ضعف في التفكير والإدراك والخبرة الذاتية والرغبة والتأثر والسلوك النفسي). هذه التغيرات وعدم اليقين في معايير التشخيص قد يكون نتيجة لعدم معرفة السبب الحقيقي لمرض انفصام الشخصية، ومع وجود العديد من العلاجات التي يجري تسليط الضوء عليها مثل الدوبامين، السيروتونين أو فرضيات الغلوتامات. تشمل معظم النظريات الأخيرة العالات الأكثر شيوعاً مثل التوكسوبلازما غوندي والعلاج بالأدوية المضادة للالتهابات العادية.

 على الرغم من أننا لا نزال في مرحلة مبكرة من فهم المسببات المرضية لهذا المرض، إلا أن البحوث التي تمت في العشرين سنة الماضية كانت متسقة مع فوائد التدخل المبكر في علاج الاختلال العقلي. ونحن نعلم أن عبء المرض على المصابين يتضمن الضرر المعرفي والنفسي والاجتماعي في أول خمسة سنوات من المرض ومن ثم تبدأ حالة "ذروة الإعاقة" - “plateau of disability” والعلاج خلال هذه الفترة الحرجة يمكن أن يقلل من التدهور وعدم الاستقرار الاجتماعي.

وهناك جانب مهم جداً يهمل بالعادة وهو أهمية دور الدعم الأسري. أفراد الأسرة / مقدمي الرعاية في الغالب ما يميلون للشعور بالتوتر والإرهاق والشعور بالاستنزاف عاطفياً والقلق وأحياناً الصدمة أو الخجل. حتى أفضل مزود للرعاية الصحية عادة ما يقصر في تقديم الدعم اللازم للأسر الذين يحتاجون للمساعدة على مدار الساعة خلال اليوم دون انقطاع. وقد أظهرت الدراسات أن تدخل الأسرة في الرعاية يساهم في تحسين الحالة مقارنة بخدمات الرعاية الإعتيادية.

ومن دون شك سيكون هناك الكثير من المعلومات الجديدة في المستقبل لمساعدتنا في التعامل مع عبء هذا المرض على الأفراد والأسر والمجتمع على حد سواء. مع المزيد من الدراسات التصويرية للدماغ والتدخل المبكر والعلاجات الجديدة والبحوث، وبذلك فإن حل لغز مرض الإنفصام هو مسألة وقت.