ما إنْ تضع المرأة مولودها، وتَحْيَا فرح رؤية طفلها بين ذراعيها والتمعُّن فيه حتى الهَيَام، حتى تبدأ مُعاناتها مع الوزن الزائد... فماذا تفعل؟ ماذا تأكل؟ هل تنطلق بريجيم فوري سريع؟ وماذا عن الرضاعة الطبيعية: هل تتأثر؟ امرأة أنتِ؟ أنجبتِ؟ تنوين الإنجاب؟ تهتمين بجسمكِ؟ القوام الميّاس هاجسك؟ مشكلتُكِ سهلة وقرارُكِ الذي ستأخذينه الآن، في هذه اللحظة، لا بُدّ أن يُحدد شكلكِ غداً. فانطلقي...   هي فترة رائعة، فيها كثير من الأحلام، فيها كثير من التوقعات، وفيها كثير من الفرح. وتمر الأشهر التسعة، تمر كل فترة الحمل، يولد الطفل، تفرح العائلة، تُقدم الضيافة: شوكولاتة وحلويات عربية متنوعة: جوز ولوز وزبيب وفستق حلبي. وحين تستفيق الأم من حُلم انضمام الطفلِ الجميل إلى العائلة السعيدة وتتمعّن في نفسها في المرآة حتى يبدأ العدّ العكسي في رحلة استعادة الرشاقة. لكن، هل يجوز الريجيم في فترة الرضاعة؟ وماذا عليها أن تأكل في هذه الفترة؟ وماذا عليها ألا تأكل؟ وهل مسموح تناول أي شيء، ساعة تشاء، أم يفترض بها أن تضرب الفرامل بسرعة خشية أن يتحول وزن ما بعد الولادة إلى وزن دائم؟ ما إن تُغادر الأم المستشفى وتدخل وطفلها باب البيت حتى يتحول كل الاهتمام إلى تغذية الطفل ونومه وتنفسه وصحته ويستنفد كل هذا طاقة الأم الجديدة التي لا تعود تبالي بنفسِها ولا بنومِها ولا حتى بغذائِها إلا إذا كان يدرّ الحليب الطبيعي لمصلحة الطفل. ولعلّ المشكلة الأكبر هنا شعور الأم المرضع غالباً بالجوع الشديد... فماذا تفعل؟ سؤالٌ يتكرر. والجواب واضح ومباشر: وجوب عدم الاستسلام لكل المشاعر التي تحث على تناول أي شيء يخطر في البال.   هناك من يرددن الآن: الكلام سهل لكن التنفيذ صعب جداً! فليس سهلاً على الأم أن تهتم بريجيم غذائي صحّي ملائم في هذه الفترة بالذات ولا أن تختار نوعية ما تأكل في حين أن طفلها يبكي طوال الوقت ويحتاج إلى أن يأكل كل ساعتين. والحلّ؟ خذن نفساً عميقاً. أبعدن عن متناول أيديكنّ كل تلك السكاكر التي صمدت من ضيافة الولادة واخترن بعناية شديدة مأكولات غنية بالمغذيات وفقيرة بالسعرات الحرارية واملأن بها ثلاجاتكنّ كي تكون متوافرة في كل مرة تشعرنّ بذاك الجوع الذي يلحّ عليكن. وتذكرنّ جيداً وجوب ألا تتذرعنّ بالولادة كي تضعنّ قدماً فوق قدم وتأكلنّ، كما في فترة الحمل، عن اثنين! سؤالٌ آخر: هل يمكن الانطلاق بالريجيم من أجل إنقاص الوزن المكتسب بُعَيد الولادة مباشرة أم يفترض الانتظار قليلاً؟ سؤالٌ ثالث: هل تحتاج المرأة بُعيد الولادة إلى مكمّلات غذائية؟ الرضاعة الطبيعية تستهلك من جسم الأم المرضع نحو 500 سعر حراري يومياً، يُضاف إلى هذا قلة النوم، ما يجعل الأم تشعر بأنها تتضور جوعاً وتضعف، خصوصاً أمام السكاكر والشوكولاتة.   استهلاك الرضاعة الطبيعية 500 سعر حراري يدفع المعنيّين في شؤون الغذاء إلى نصحِ الأم بالانطلاق في عملية خسارة وزنها المكتسب مباشرة بعد الولادة، لأن التخلص من الكيلوغرامات الإضافية يكون أسهل في حينه، لكن هذا لا يعني التشدُّد كثيراً في الحمية الغذائية المعتمدة، لأن الأمهات الجديدات يحتجن إلى طاقة عالية لينجحن في التعامل مع المولود الجديد، وبالتالي الاستغناء عن نوعيات غذائية معيّنة لاسيّما الكربوهيدرات، قد يجعلهن يشعرن بتعب مضاعف. كما تُنصح الأمهات بتناول فيتامين «د» بمعدل عشرة ميكروغرامات يومياً. وبالحصول على حصتين إلى ثلاث من البروتينات، أي اللحوم الحمراء والأسماك والبيض أو الفول والبقوليات، وعلى خمس حصص من الفاكهة والخضراوات، لاسيّما الورقية منها، وعلى كربوهيدرات ودهون صحية، مثل: زيت الزيتون والأفوكادو وزيت السمك والتونة الطازجة والماكريل والسالمون. فلنتوسع أكثر في نوعية ريجيم الأم بعيد الولادة. كلنا نعلم مدى حاجتكِ في هذه الفترة إلى الراحة وإلى صعوبة تحضير طعامك الخاص. لذا، ننصحكِ بالاحتفاظ دائماً بوجبات خفيفة سريعة صحية. احتفظي بالزَّبَادي والجبن والمشمش المجفف والحساء الجاهز والتونة. من ناحية أخرى تعاني الأم الجديدة غالباً فقراً في الحديد، ما يزيد شعورها بالتعب الشديد والشحوب والجوع المزمن، وطنين في الأذنين. لذا، يُفترض أن تتناول في هذه الفترة الأطعمة الغنية بالحديد، مثل اللحوم الحمراء والأسماك والدجاج والخضار الورقية والبروكولي واللفت والفواكه المجففة وحبوب الفطور المدعمة بالحديد، كما أن تناول كوب من عصير البرتقال مع الفطور يساعد الجسم على امتصاص الحديد في الطعام.   تردن جميعكنّ أن تودعن وزن الحمل والولادة؟ تردن جميعكن أن تقلن وبصوت عالٍ: باي باي أيها الوزن المكتسب؟ ما رأيكن في أفكار مساعدة؟ بحيلٍ؟ والحيلة تحتاج إلى ذكاء... أولاً، فلتكن خسارة الوزن بطيئة. لا تضعنّ بالتالي أوهاماً وتوقعات عالية ولا تصدقن أبداً أنكن تستطعن إنقاص 4 أو 5 كيلوغرامات أسبوعياً. هذه مجرد أوهام. فالجسم لا يستطيع أن يُكسّر أسبوعياً إلا كيلوغراماً واحداً من الدهون وأي خسارة أخرى تكون من العضلات والسوائل والأنسجة.   ثانياً، اسألن أنفسكن قُبيل الانطلاق بريجيم ما بعد الولادة: هل هذا الريجيم يناسبنا؟ الريجيم يناسب الجميع لكن اختيار نوع الريجيم المناسب هو المطلوب. تحبين الخضراوات؟ فليتضمّن ريجيمكِ الخضار. تحبين الخبز والمعجنات؟ لا تمتنعي كلياً عن تناولهما بل اكتفي بتخفيض الكمية. وتذكري دائماً أن فقدان الوزن يزيدك جاذبية وثقة بالنفس. تذكري أنك لن تكوني مضطرة إلى اختيار الملابس التي تخفي الكتل الدهنية حول الخصر والبطن والذراعين. تذكري أنك ستكونين قادرة على اللعب مع طفلك بعد شهور قليلة والركض معه. تذكري أن الريجيم يُبعد عنك أمراضاً كثيرة مثل القلب والسكري وبعض أنواع السرطان. تذكري باختصار أن الحياة بوجود طفلك باتت أجمل وعليكِ أن تعيشي فيها، لأجل ابنك أيضاً، جميلة وأنيقة وغير بدينة.   ثالثاً، تذكرن أن التغييرات الصغيرة قادرة على إحداث نتائج كبيرة. فانطلقن في الريجيم عبر اتّباع بعض التغييرات في سلوكياتكنّ من دون أن تحرمن أنفسكن من شيء، فأنتنّ في هذه الفترة منهكات غير قادرات على فرض ريجيمات قاسية على أنفسكن بل جلّ ما يمكنكن فعله هو الالتزام ببعض التغييرات وستحصلن رويداً رويداً على النتائج المرجوة. نعود لنسأل: ماذا يفترض أن يتضمن غذاء الأم كي تستعيد رشاقتها من دون أن تتأثر عملية الرضاعة سلباً؟   1 - تناولن سمك السالمون لأنه من أفضل الأطعمة المدرّة للحليب الطبيعي. وتناول هذا النوع من السمك بالتحديد يساعد على تحسين المزاج وإبعاد خطر الاكتئاب عنكن. ترضعنّ أطفالكنّ؟ يفترض بكن إذن تناول سمك السالمون بين مرتين وثلاث مرات أسبوعياً. السالمون لا يحتوي على نسب عالية من الزئبق وهذا يناسبكن جداً في هذه الفترة الحساسة في حياتكنّ.   2 - حصن أنفسكنّ بمنتجات الألبان منخفضة الدسم، فهي توفر لكن البروتين وفيتاميني «د» و«ب» وهي من أفضل مصادر الكالسيوم، وهذا سيرتدّ إيجاباً على عظامكنّ ويؤثر أيضاً في عظام أطفالكنّ.   3 - تناول لحم البقر يناسبكن جداً في هذه الفترة، خصوصاً أنكن تبحثن فيها عن طاقة أكبر والأطعمة الغنية بالحديد مثل اللحوم الحمراء تمنحكن الطاقة.   4 - البقوليات ممتازة أيضاً خصوصاً لمن لا يرغبن في الإكثار من تناول اللحوم الحمراء، فالبقول مثل الفول والعدس والبازلاء والفاصولياء مصادر أخرى غنية بالبروتين، وبالتالي هي ضرورية للمرأة المرضع.   5 - الأرز البنّي خيار رائع في هذه الفترة أيضاً، حيث تحاولنّ فقدان وزن ما بعد الولادة من دون أن تقلصن كثيراً من استهلاك الكربوهيدرات. وهنا تذكرن أن الحبوب الكاملة مثل الأرز البنّي تساعدكن على الاحتفاظ بمستويات طاقة عالية وتوفر لكن السعرات الحرارية المطلوبة، التي يحتاج إليها الجسم من أجل إنتاج أفضل نوعية حليب طبيعي.   6 - البرتقال ضروري هو أيضاً في هذه المرحلة، حيث يمدكنّ بالطاقة التي تحتجن إليها.   7 - تناولن أيضاً صفار البيض الذي هو أحد أهم المصادر الطبيعية لفيتامين «د» والبروتين. لا تحببن البيض؟ تناولنه مسلوقاً في طبق السلطة. البيض ممتاز لكُنّ ولأطفالكن.   8 - فلتتضمن قائمة طعامكن في هذه الفترة الخضراوات الورقية، مثل: السبانخ والجرجير والقرنبيط، كونها غنية بفيتامين «أ» الذي يحتاج إليه أطفالكن للحصول على الحليب الطبيعي وتساعدكنّ، في آنٍ، على خفض أوزانكنّ.   9 - ليس أفضل من غذاء بعد ليل طويل لم يَنَم فيه طفلكِ دقيقة واحدة واستنفد فيها كل طاقتكِ إلا تناول وجبة فطور من الحبوب الكاملة التي تمدك بالفيتامينات والمواد المغذية والطاقة. تناوليها مع الحليب الخالي من الدسم.   10 - الماء أهم مصادر الطاقة من دون أي سعرات إضافية وهي تساعدكن في إنتاج الحليب! فأكثرن من شرب الماء ويمكن تنويع خياراتكن عبر تناول الماء والحليب والشراب الطبيعي، وهذا لا يشمل طبعاً الكافيين من قهوة وشاي، لأن الكافيين يدخل حليب الأم ويؤثر سلباً في الطفل.   هي فترة رائعة لكنها مليئة بالتحديات والاختبارات فإمّا تعبرين فيها بهدوء وبنجاح أو تخرجين منها بدهون كثيرة وكيلوغرامات مزعجة. وتذكري دائماً، في هذه المرحلة المتميزة، أنك امرأة وهبها الله القدرة على مشاركته في الخلق والإنجاب. لذا، يفترض بكِ أن تبقي قوية وجميلة وصالحة في آن.