من الحالات الطريفة التي مرت بي منذ ايام كسألة اليوم، حيث جلست مع الزوجين والزوجة وهي تشتكي من تصرفات زوجها وعدم احترامه لغيرتها عليه وتساهله في هذه المشاعر، بجانب اهماله لها عاطفيا وتأخره بعمله كثيرا مما أدخلها بدائرة الشك فيه أن يكون متزوجا أو لديه علاقة خارج البيت. ابتسم الزوج لكلامها وقال: والله يا سيدي أنا أحبها جدا ولكني فعلا شغلت عنها بعملي الذي أطمح أن يزيد ويكبر لأني أعمل بالتجارة وتتطلب مني بعض الوقت الزائد ومع ذلك سأصلح الأمر بنفسي. وسيكون صلحي لها بطريقة غير معتادة فأنا لن اعتذر لها بالكلام كما يفعل كثير من الأزواج بل سأطبق اعتذاري لها عمليا. ابتسمت الزوجة وكأنها تعرف نوعية العلاج الذي سيستخدمه الزوج لاصلاح ذات البين معها واثبات حبه لها وكنت أنا الوحيد الجالس بينهما ولا أعرف السر، حتى رأيت الزوجين بعد شهرين فسألت الزوجة عن شكواها واحوالها فقالت: الحمد لله. وسألتني: أي شكوى تقصد؟ صمت وقلت لها: لا عليك أنا خُلط على الأمر - قلت في نفسي لا داعي أذكرها بما نسيته من هموم ومشاكل -لكن ظل السؤال يلح على ويطل من رأسي حتى عرفت اجابته من الزوج وكان سؤالي : كيف استطاع الزوج حل مشاكله مع زوجته لدرجة أنها نسيت شكواها ضد الزوج؟ الجواب: إنه السفر . يقول الزوج (ن) :أكثر شيء يكون مؤثر للتصالح مع زوجتي ودليل اثبات قوي لحبي لها هو السفر حيث أننا ننطلق كأننا بشهر العسل، أنسى العالم معها وأجعلها تعيش معي أجمل لحظات عمرها فنعود سعداء من سفرتنا وقد تغير المزاج والنفسية وهدأ القلب مع الماء والخضرة والوجه الحسن كما يقال، السفر يا سيدي يعطي شريكة الحياة أمل وراحة وتفرغ للنصف الأخر واهتمام نفسيا وعاطفيا. أنصح به كل من تزوج ومرت علي زواجهما سنين طويلة أقول لهم: السيارة تحتاج دوما للصيانة فما بالنا بالانسان وخاصة الزوجة تحتاج للسفر معك ولا يشترط السفر الطويل من بلد لبلد بل يمكنك التنزه معها لمدينة أخرى داخل نفس الدولة . شكرت الزوج بنفسي لأنه ألهمني بمسألة اليوم وذكرني بنفسي عندما كنا نختلف أنا وزوجتي، فتحل مشاكلنا وتعود السكينة والراحة فقط عندما نسافر سويا. وأحيانا نترك الأبناء مع جدتهم أسبوعا أو أكثر لنعيد الذكريات الجميلة. وتذكرت أيضا كلمات الامام الشافعي والتي يحثنا فيها بوجه عام على السفر ويعتبر من لايسافر يكون كالماء راكدا أما المسافر هو دوما متجدد النشاط والطاقة والحب والعطاء يقول رحمه الله : ما في المقام لذي علم وذي أدب من راحة فدع الأوطان واغترب سافر تجد عوضا عمن تفارقه وانصب فإن لذيذ العيش في النصبِ إني رأيت وقوف الماء يفسده فإن سار طاب وإن لم يسرِ لم يطــبِ والشمس لو ظلت في الفلك دائمة لملها الناس من عرب ومن عجمِ والأُسدُ لولا فراق الغاب ما افترست والسهم لولا فراق القوس لم يصبِ والتبرُ كالترب ملقا في أماكنه والعود في أرضه نوع من الحطــبِ فإن تفرق هذا عز مطلبه وإن تفرق ذاك عزَّ كالذهـبِ