رغم أني من أشد المعارضين لفكرة الطلاق كحل للأزمات الأسرية لكنني صادفت أكثر من حالة كان الطلاق فيها أسلم وأصح حل برغبة أحدهما أو كلاهما. لأن هناك نوع من الخلافات تسمى الخلافات الحادة المزمنة والتي توصل الطرفين للكره بكل ما تحمله الكلمة من معان، بحيث يصير كل يوم يمر بهما تجدد لحرب لا هوادة فيها، وهو ما يطلق عليه شرعا( الشقاق ) الذي تستحيل معه العشرة وهنا الطلاق يكون واجبا لا مستحبا.   وهناك نوع آخر من الخلافات أرى فيها أيضا أن الطلاق علاج ودواء ناجح، تلك الخلافات التي ترى فيها أحد الزوجين يضغط ويضغط على الطرف الأخر بكل أنواع الضغوط والاستغلال ماديا ونفسيا بل وجسديا.   أما ماديا: بترك المسئولية عليها وأخذ راتبها والبخل عليها أو تقتير الانفاق ليتركها عالة على والدها أو إخوانها وهي صابرة صامتة مكبوتة بسبب وجود أبناء.   ونفسيا: بالسب والصراخ وحرمانها من زيارة أهلها واشتراك أهل الزوج في أذيتها باللسان والأفعال، أو خيانتها أو تحقيرها والتقليل من شأنها بكل تصرف وهي صابرة كذلك لكن على حساب صحتها ونفسيتها وقد تصاب بأبشع الأمراض فقط لأنها تريد أن تعيش.   جسديا: بأن الزوج بعد كل تلك الأذية والضرر يطلب منها حقه الشرعي فيكون الأمر مثل الاغتصاب لأنه لم يؤهلها نفسيا ولم يراع نفسيتها بل ربما ضربها نهارا ثم طلب منها العلاقة الزوجية ليلا فبئس الزوج هو كما أخبرتنا النصوص النبوية، وهناك من يعذب الزوجة جسديا بطلب العلاقة الحميمية بطريقة غير شرعية، وإن رفضت هددها بأنه سيخونها، وبعض النساء مع الأسف بجهل منها تخضع لتبقي عليه زوجا وأبا، وهذا خطأ وإثم عظيم لأن الله حرم فعل ذلك وهو كفعل قوم لوط الذين أهلك الله قومهم وبلدهم وجعل عاليها سافلها، ولا يجوز طاعة الزوج في هذا الطلب المحرملأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، حتى وإن وصل الأمر للطلاق ، فالطلاق أفضل من أن تكونين من أصحاب النار، والبيت الذي يقوم على وجود تلك العلاقة المحرمة شرعا حتى ولو برضا الطرفين بيت سيخرب ويشتت ولو بعد حين .   هذه الصور التي ذكرتها من صور التعذيب المادي أو النفسي أو الجسدي، توجب الطلاق لأن استمرار الحياة الزوجية بتلك الصورة سيصيبنا بالأمراض العضوية والنفسية، فكم من حالة مرت بي خلال هذا الشهر منهم من يتعاطى الحبوب النفسية ومنهن من أصيبت بجلطة ومنهم سواء أزواج أو زوجات من يرقد بالمستشفي من شهور ومنهن من سقط حملها بسبب المشاكل وغيرهم وغيرهن كثير.   لذلك أركز كلماتي لكل صديق أو شريك حياة تعاني أو يعاني وجود مثل تلك العلاقات السلبية بقولي له: إياك أن تؤذي نفسك بالصبر على مثل تلك العلاقات كثيرة الشد كثيرة الأرق والاستفزاز كثيرة الوجع والألم.والتضحيات التي لا تقابل حتى بكلمة شكر بل تقابل بسوء الظن والتحقير واللامبالاة، لمتى سيظل الواحد منا يعيش كل عمره يتألم والأخر لا حياة لمن تنادي؟ ، رغم كثرة أخطائه في حقك وإذا بدر منك خطأ خاصمك وهاجمك وتظل العمر كله تلهث للتبرير واثبات براءتك. لمن سنظل نخنق أنفاسنا ليتنفس غيرنا وهو لا يبالي بنا ولا يكترث لمشاعرنا صديقا كان أو زوجا.   علاقات الصداقة أو العلاقات الزوجية لم تخلق إلا من أجل أن نسعد بعضنا. من يؤذيك اصبر عليه وحاول لإصلاحه حتى أخر قطرة صبر في دمك فإن ظل يؤذيك ولم يتغير فابتعد عنه ، البيئة التي تخنقك وتقتلك بالبطيء غيرها لكن بعدما تستنفذ كل طرق الاصلاح فيها، ولا داعي من المشاركة في حوارات سلبية ونقاشات حادة مع من يتحداك ويكرهك فالحوار مع هؤلاء عقيم ولا فائدة منه سيزيدك مرضا على مرضك، لأنك جربت تلك النقاشات مليون مرة معه ولم تصل لنتيجة، من يجرحك كثيرا بعدما صبرت طويلا اجعل بينك وبينه مسافة كافية ولا تحتك به كثيرا حتى لا تمرض أو من القهر تموت، وبالنهاية فوض أمرك لله لمن يحاربك دون معنى ولا سبب فهو سبحانه نعم المولى ونعم الوكيل.