تتعالى الأصوات التي تدلي بتصريحات تثير القلق في ما يتعلق بظاهرة التحرش في السعودية، وكلها تتفق على أن الظاهرة تشهد ارتفاعا كبيراً. فقد بيّنت "جمعية حقوق الإنسان السعودية"، في تقريرها السنوي، على أن التحرّش داخل الأسر يعد "أكثر أنواع التحرّش انتشاراً"، لافتة إلى أن نسبة التحرّش في بيئة العمل مرتفعة جداً، في ظل غياب أي رادع. تضيف أن المتحرّشين بالأطفال الصغار قد يعمدون إلى خطفهم أو قتلهم في بعض الأحيان. أما المستشار القانوني أحمد الراشد فيقول في مقابلة أجراه موقع "العربي الجديد" معه اليوم، إن حالات التحرّش في السعودية تقدّر بأكثر من مليون حالة سنوياً، "إذا ما اعتبر التحرّش اللفظي جرماً". مؤكداً استحالة أن تمر امرأة من مكان عام فيه مجموعة من الشبان دون أن تتعرض لتحرش لفظي على الأقل. ويؤكد الحقوقيون عدم وجود قانون رادع وواضح يعاقب على التحرش، ففي كل مرة يصل الأمر إلى القضاء يترك العقاب لتقدير القاضي، أحياناً تصل العقوبة إلى 12 عاماً وأحياناً شهر أو تعزير. من هنا، ولكل هذه الأسباب باتت ضرورة سن قانون واضح أمراً ملحاً، لكن المشكلة في هذا القانون الذذي يتم تأجيله منذ سنوات هو الخلاف على تعريف التحرش. وفي العام 2008، بدأ مجلس الشورى السعودي بدراسة القانون. لكن بعد نحو عام من دراسته، سُحب من جدول الأعمال نتيجة ضغوط التيار الديني الذي يعتقد أن وجود قانون للتحرّش سيؤدي إلى السماح بالاختلاط، الأمر الذي يعد أخطر من التحرّش بالنسبة إليه. وقادت الداعية رقية المحارب، والداعي عبد الله الداود التيار المعارض للقانون. إلّا أنّه في كل مرة تنتشر مقاطع فيديو لشباب يتحرّشون بفتيات، تتعالى الأصوات التي تطالب بسرعة إقرار القانون. وأخيراً وبعد تعطيل استمرّ أكثر من ثماني سنوات، يناقش مجلس الشورى السعودي، في أولى جلساته التي تعقد بعد إجازة الصيف، والمقرّرة في شهر سبتمبر/أيلول المقبل، مشروعي مكافحة التحرّش والابتزاز. ومن المفترض أن القانون الجديد سيشدد العقوبة بحقّ كل من يتلفّظ بعبارات ذي مدلول جنسي تخدش الحياء، على أن تصل العقوبة إلى السجن لمدة خمس سنوات، مع غرامة مالية تصل إلى 500 ألف ريال (نحو 133 ألف دولار). وتنصّ مسودة المشروع -التي يتوقّع أن يشهد جدلاً واسعاً بين الأعضاء- على ألّا تقل مدة السجن عن ستة أشهر، والغرامة المالية عن خمسين ألف ريال (نحو 13 ألف دولار)، في حال كانت جريمة التحرّش أو الابتزاز ضد طفل، حتى لو لم يكن الفاعل يعرف أن المجني عليه طفلاً أو معوّقاً، أو وقع الأمر في مكان عبادة أو عمل أو مؤسسة تربوية، أو إذا ارتكب أكثر من شخص الجريمة، أو ارتكبت بحق أكثر من شخص، أو إذا كان الجاني والمجني عليه من جنس واحد، أو إذا كان المجني عليه نائماً أو فاقداً للوعي، أو إذا وقعت الجريمة في حال وجود أزمات أو كوارث أو حوادث، أو في حال عاود الجاني ارتكاب جريمته.