تعجبت جدا من مسألة اليوم وقلت في نفسي: بأي زمن نحن نعيش؟ هل اقترب قيام الساعة؟   كلنا يسلم أنه قد تقع خلافات بين الأزواج قد يتطاول فيها الزوج بعنف لفظي أو جسدي، ولكن أن يصل الحال في هذا الزمن العجيب أن يقوم الأب المحترم والزوج الهمام بأن يأمر الابن البالغ من العمر ست سنوات ويقول له : قم فأضرب أمك بالحزام مرة وبالحذاء مرة (هذه ليست مزحة بل يأمر الابن بكل قوة وصرامة وقصد).   وعندما بكى الطفل ورفض أن يضرب أمه قام الأب بضربه بكل عنف، ونحن لا نتكلم هنا عن أب جاهل غير متعلم، بل نتكلم عن أب خريج جامعة ويعمل مديرا لإحدى الشركات ولا نتكلم عن زوجة وأم ساذجة جاهلة بل نتكلم عن أم انهت دراسة الماجيستير وخرجت من أسرة محافظة ومرموقة.   أما المشكلة التي ضربت الأم بسببها هي أنها متعبة ولا تريد الخروج هذه الجمعة لزيارة أهل الزوج، ولأول مرة هي تعتذر وكانت فعلا كما ذكرت بمنتهى الإجهاد والتعب فقام الزوج المحترم بمناداة احد الابناء وقال له: ( إن والدتك تكره أمي (جدتك) وتتمنى لها الموت ومن يكره جدتك التي هي أمي يستحق الضرب والموت أيضا فهيا أضرب أمك بهذا الحذاء لأنها تكره أمي ). قلت للزوجة: وهل ضربك الابن ؟ قالت : بالبداية بكى وصرخ ورفض وكان ينتفض ويرتعش فلما ضربه أبوه بعنف اضطر أن يضربني بالحذاء.   قلت : يا الله وصل بنا الحال أن يشجع الأب ولده على العقوق ويرضعه لبن العقوق وضرب الأمهات من هذا السن؟ ماذا ننتظر ونتوقع من هذا الطفل عندما يكبر؟ وإذا كان الزوج يخاف على أمه ويريد إيذاء من آذاها أليس من حق هذا الطفل أن يخاف على أمه؟ ألا يخشى هذا الأب أن يكبر هذا الطفل فينتقم لأمه من أبيه الجبار المتغطرس. إن أمثال هؤلاء الآباء لا يستحقون إلا ان تنزل بهم أقصى العقوبة ولا يستحق الواحد منهم كلمة (أب).   تتابع الزوجة (ل) قائلة: ما يمر أسبوع إلا ويضربني زوجي وحررت له 4 تقارير طبية بالضرب ويسبني ويسب أهلي وصبرت على كل ذلك لكن أن يصل الحال أن يحول أبنائي لوحوش ينهشون لحم أمهم ويعلمهم كيف يضربونني بالحذاء والعصا والحزام كما فعل مع ابننا الكبير 9 سنوات حين قال له يوما بعد مشاجرة بيني وبينه: قم واضرب أمك لأنك رجل البيت مثلي ومن حقك تعاقب أمك. أمك لصة تسرق فلوسك وفلوس أبيك وأخيك.   وأضافت: كلما حاولت تجنبه ولا أرد على قلة أدبه معي يقوم ويضرب أحد الطفلين بدون سبب ويترك آثاراً في جسمه ليستفزني  لأتكلم معه فأنال نصيبي من السب أو الضرب. أعصابي انهارت وما عدت أتحمل .   والحقيقة أنني رأيت الزوجة وهي تحكي ترتعش وتبكي ويبدو عليها آثار الخوف والهلع والقلق فقلت لها: زوجك من المؤكد أنه يعاني خللا نفسيا وإن لم يعالج نفسه فالشرع أباح لك الطلاق طالما أنك لا تستفزيه ولا تخالفينه وتعصينه، وأبشع ما قيل وذكرته هو ضرب الأبناء لك فهذه في حد ذاتها كارثة اجتماعية وأسرية ونفسية وسوف تتعقد نفسية الأبناء ويخرج لنا بالمجتمع أصحاب عنف وارهاب لأن الارهاب في البيت هو اول دافع للطفل ان يخرج ناقما على مجتمعه وأهله فيسهل عليه أن يضرب ويسرق ويقتل الأبرياء. كيف لا ؟ وهو قد ضربت أمامه رمز البراءة والأمومة واستخدمت يده الصغيرة لتضرب وجها وعينين سهرت على ولادة وتربية هذا الصغير الذي اغتيلت براءته على يد أبيه.   ونصيحتي إليك أن تطلبي الطلاق وتضمي إليك حضانة الأبناء لأن أمامك مشوار طويل لإصلاح ما كسره أبوهم بداخلهم. ونطالب كل المؤسسات المعنية بحماية المرأة والطفل في كل البلاد العربية أن تفرض القوانين وتشدد العقوبات على أمثال هؤلاء الأزواج وأن يحرموا رؤية الأبناء بعد الطلاق على انفراد بل تكون الرؤية في وجود متخصصين ومسئولين بمراكز الرؤية لأن مثل هؤلاء الآباء لا يستأمنوا على الأبناء.   ونطالب أيضا كمتخصصين أن يفرض على المقبلين على الزواج ولإتمام عقد القران تقديم كشف طبي نفسي مع كشف الفحص الطبي العضوي لكي يطمئن كل من الزوجين أن الطرف الأخر لا يعاني حالات نفسية أو عنف وراثي مما يؤثر على الحياة الأسرية وتربية الأبناء مستقبلا.