كعادتها تبادر دولة الإمارات مبادرة تربوية جديدة، فبعد أن إدخال النظام التعليمي كله تقريباً مرحلة التكنولوجيا بامتياز، اليوم تلتفت الدولة إلى ضرورات التربية الأخلاقية الممنهجة، في عصر بدأ فيه غزو التطرف من كل حدب وصوب، وكثرت التأويلات والتفسيرات الأخلاقية والدينية الملتبسة، ومع ضرورة إعادة النظر في مكانة المرأة وحقوق والإنسان، وزيادة الحديث عن الهوية والتطرف والعنصرية والتعددية، كل هذا بالتزامن مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي والشعور بأزمة وصدام مع المجتمع من قبل الشباب، ما يطرح أسئلة جديدة عن الثوابت، سرعان ما استجابت لها المؤسسة الرسمية الإماراتية.   من هنا، استحدثت الإمارات مادة دراسية جديدة باسم "التربية الأخلاقية" ضمن المناهج والمقررات المدرسية، تسعى من خلالها إلى تعميق قيم التسامح وترسيخ مبادئ أخلاقية رفيعة تشكل أولوية بالنسبة إلى الحكومة.   وأعلن ديوان ولي عهد أبوظبي سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قبل يومين، عن اعتماد مادة "التربية الأخلاقية" كإحدى المواد الأساسية في التعليم داخل الدولة، إذ ستتولى وزارة التربية والتعليم ومجلس أبوظبي للتعليم تنفيذ القرار.   ومنذ أن صدر القرار وبالنظر إلى العديد من مكوناته وتفاصيله المحورية، سعت جميع الفئات والشرائح المجتمعية إلى تداوله وتحليله.   وأكد كثيرون على أهمية القرار في وقت تعاني فيه المجتمعات العربية من أزمات تربوية وسلوكية، تنعكس على التعامل العام مع الآخر بشكل عام. وأثار القرار ردود فعل واسعة بين الإماراتيين والوافدين في المجتمع الإماراتي.   وستشمل مادة التربية الأخلاقية خمسة عناصر رئيسية هي الأخلاقيات، والتطوير الذاتي والمجتمعي، والثقافة والتراث، والتربية المدنية، والحقوق والمسؤوليات. كما ستترجم أولى خطوات المبادرة بتشكيل لجنة لاعتماد أطر منهجية ومعايير مناسبة لإعداد مادة "التربية الأخلاقية" بما يتوافق مع الهوية الثقافية والعادات والتقاليد الإماراتية، لكي تسهم مع جهود مختلف المؤسسات والهيئات في وضع أسس علمية، ومضامين تربوية، وبرامج وآليات عمل تضمن تكامل هذه المادة الحيوية مع بقية المقررات الوطنية والدراسية.