مَن منا لم يعش قصة حب جامح، مفعم بولع عارم، أحياناً من أول نظرة، أو أقله سمع حكايات أو قرأ روايات عنه؟ كلنا عرف قصص «قيس وليلى»، «روميو وجولييت»، «وردة وبدر»، «حسن ونعيمة»، «حمدان وأبهانا».. لكن، بعيداً عن روايات الغرام الأسطورية، الحقيقية منها والمتخيلة، نعرف أن الولع لا يدوم، وبين الأحباب أحياناً تسقط الآداب، وبحسب الأغاني «العشق كذاب». فلماذا لا يصمد الحب حتى تواري العاشقين الولهانين بالتراب، مثلما يعِدان بعضيهما به بداية؟   المشكلة في جرعة المخدر. ماذا؟ إي، نعم: جرعة المخدر. فالحب عبارة عن تفاعل كيميائي - خيميائي. عندما يعشق المرء، تنشط عنده غدد دماغية، تفرز مادة «نور أدرينالين»، التي تحفز ما يدعوه أطباء الجملة العصبية «جهاز المتعة العصبي». يفرز هذا الجهاز هرمونات الـ«أندروفين»، التي تضفي شعوراً ببهجة ما بعدها بهجة. إذ أثبت تحليلها أنها من فصيلة «الأفيونيات» النباتية المخدرة، سوى أنها ذاتية، أي تنبع من الجسم نفسه، وليست من «الممنوعات» (مثلما تسمى المخدرات في التراجم العربية للأفلام الأجنبية). وعند تلاقي العاشقين، تتسارع عندهما آلية الإفراز هذه، معززة الشعور بالراحة في حضور الآخر، ما يفسر تعلقهما الواحد بالآخر، بل «إدمانهما» الواحد على الآخر. ومثلما يحصل مع الكحول والمخدرات، يطالب الجسد بجرعات متزايدة لبلوغ النشوة المنشودة. المعضلة: «جهاز المتعة العصبي» يصل حداً لا يعود فيه قادراً على تلبية الطلب. فيضمحل الشعور المتبادل بالغبطة العارمة، فيتولد انطباع لدى كل منهما أن الآخر لم يعد يهواه، أو أنه لم يعد متيماً بالآخر، أو كلا الأمرين. حقاً، المخدرات تقتل كل شيء، حتى الحب. بقي أن تستهل رسالتك المقبلة إلى المحبوبة بالقول: «أفيونتي الغالية...»، فتجيبك: «أنت المخَدَّر والمكتوب، وأنا اللوحة اللي اتْكَتَب عليها».