مَن منّا لم يرفع إبهامه يوماً، عفوياً وميكانيكياً وربما لا شعورياً، تعبيراً عن استحسانه لمشهد رآه أو كلام جميل سمعه أو التفاتة طيّبة لمسها؟ رفع الإبهام، عُموماً، هو إشارة ارتياح. لكن، لماذا الإبهام، وليس مثلاً الخنصر أو البنصر أو الوُسْطَى؟ ولماذا إلى أعلى، لا أسفل ولا يمين ولا شمال، حتى وإن كانت الوجْهة صَوْب الشمال؟ في الحقيقة، لقد بات عسيراً كسر ذلك التقليد، الذي يعود لقرون قبل الميلاد. فالشعوب الجرمانية القديمة، ومن بعدهم الرومان، اعتادوه أثناء التفرُّج على نزالات «المُجالدين» (ما يُدعى «غلادياتور»). وكان لرفع الإبهام مغزَى يوازي أهمية حياة أو موت، لأنه كان يعني طلب الإبقاء على حياة المُجالد المحظوظ، بعكس «زملائه»، الذين كان يموت معظمهم في الحلبة. فتوجيه الإبهام إلى أسفل، على العكس، كان يعني طلب إنهاء هذا المجالد أو ذاك. لكن، من أين أتت عادَتَا رفع الإبهام أو خفضه، تعبيراً عن الرَّغبة في صَوْن حياة المجالد، أو على العكس موته؟ في أيام القيصر الروماني يوليوس، سعى مؤرخون رومان إلى تفسيرها بالقول إنّ الإنسان يُولَد وإبهامه «مصموم» نحو أسفل، ملموماً بين أصابعه الأخرى. ثم تدريجياً، مع تفتح الرضيع على الحياة، يفتح يديه، ويطلق إبهامه. وبعد عمر طويل، يموت وإبهامه «مصموم» مجدداً نحو أسفل، ويداه مغلقتان. وهذا ما حَدَا بالقدامَى إلى الظن بأن الإبهام المرفوع رمز للحياة، و«المصموم» رمز للموت، فاعتمدوا الإشارتين في حلبات المُجالدين. ثم انتشر التقليد في أنحاء العالم، ليومنا هذا، في مجالات الحياة كافّة، وليس فقط للملاكمة والمصارعة الرومانية والمصارعة «الحرّة غير المقيّدة»، الـ«كاتش». ومِن رَاقَهُ هذا التفسير، فليرفَع إبهامه.. وشكراً مُقدَّماً.