في إحدى قصص "المكتبة الخضراء" القديمة، كان عقلة الأصبع طفل لعائلة مكونة من ستة أبناء، وكان الأب والأم في هذه العائلة قررا أخذ الأبناء إلى الغابة وتركهما فيها لتأكلهم الذئاب لأنهما فقيرين ولا يسيطيعان تأمين الطعام للأطفال، لكن عقلة الأصبع يسمع والديه ويقرر أن يجد حيلة ليعرف طريق الرجوع هو وأشقاؤه إلى البيت.   لكن ليس كل الأطفال عقلة الأصبع، ورغم صعوبة تخيل القسوة إلا أن عدد الأطفال المشردين في العالم حسب نشرة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العالم والتي تم إعدادها في العام 2015 ما يزيد على 28 مليوناً، معظمهم مطرودين من أسرهم.   نتيجة لأسباب كثيرة من بينها الحروب والصراعات القبلية والإثنية المسلحة، والاضطرابات والصعوبات الاقتصادية، وانفصال الأزواج عن زوجاتهم.   وتشير الإحصائيات المتعلقة بهذه الظاهرة إلى أنها بدأت تستفحل في الوطن العربي، معلنة هشاشة الوضع الأسري، وتردي الأوضاع الاقتصادية لمجتمعات عربية تعاني منذ سنوات وإلى وقتنا الحالي من حروب أهلية وأوضاع اجتماعية واقتصادية مضطربة.   ومشكلة طرد طفل من أسرته إلى العراء، وهو لا يزال في سن الرابعة أو الخامسة، هي أكثر من ظاهرة اقتصادية وأخلاقيّة تمر بها هذه الأسرة، وتؤشر على شرخ عميق في القيم الأسرية.   ويشير مكتب اليونسيف بالمغرب (صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة) تقريراً عن أعمار الأطفال المشردين المسجلين والتي تنحصر بين 5 سنوات و14 سنة.   وعادة ما تطرد الأسر أطفالها لشدة الفقر أو بسبب الخلافات ليقهر الآباء والأمهات بعضهم بأولادهم، فيعطى الطفل حقيبة صغيرة على ظهره فيها ملابس دون أن يعطيه أهله أوراق ثبوتية لكي لا يتعرف عليهم أحد، وهكذا يكون على الطفل أن يعيش مبكراً حياة مجهولة الهوية وخالية من الحب ومليئة بالحرمان.