من منا لم يلحظ طبيباً يُربِّت على مواضع معينة من ظهور فئة من مرضاه، وينصت بيقظة على الصدى العائد، وكأن الطبطبة جزء من التشخيص؟ في باب علاج أمراض الصدر والرئتين، بات الفعلان الرباعيان «طبَّب» و«طبطب» متلازمين، وإن لم يكونا مترادفين. ومَن يعتقد أن الدكتور يتوخى من ذلك فحص صلابة عمود المراجع الفقري، أو صلابة قفصه الصدري، فهو على خطأ. وهذا التقليد يعود لأكثر من 250 سنة، تحديداً إلى عام 1754، عندما فطن الطبيب النمساوي ليوپولد أوينبروغر (Auenbrugger Leopold) إلى أن طبيعة الصوت القادم من القفص الصدري، عقب الطبطبة على مواضع محددة ومدروسة بدقة، يمكن أن تدلَّ على وجود بعض العلل والأورام الصلبة أو السائلة، أو على العكس تنفي الإصابة بها. يقول المثل: «البرميل الفارغ يصدر صوتاً عالياً»، تنويهاً إلى الفارغين المتلعلعة أصواتهم. كذلك هي الحال مع الرئة. لكن وجه الشبه هو أنه كلما علا الصوت الآتي منها أثناء الفحص، كان في ذلك إشارة سيئة لوضع غير سليم. فالرئة ليست متساوية الصلابة والكثافة، وطبيعة الصدى تتغير وفق «الجيوب» الهوائية التي تتخلل نسيجها. وفي العاصمة النمساوية فيينا، جرب الدكتور أوينبروغر الوسيلة على آلاف المرضى طوال 7 سنوات. وفي عام 1761، نشر نتائج أبحاثه. وعمد بعض الأطباء لاحقا إلى وصف التربيت أو الطبطبة على ظهر المريض بأنها بمثابة «أشعة سينية مصغرة». فهذه التقنية البسيطة وغير المكلفة، تتيح تشخيص أمراض عديدة، كاستهواء الرئة الصديدي والاسترواح الصدري.