اسمها هبة الشرفا (26 عاماً)، ولدت مصابة بمتلازمة داون، التي تسبب الإعاقة الذهنية، لكنها غلبت نفسها وصارعت مرضها، الآن هبة تعمل معلمة وهي أول من يدخل سلك التعليم مصاباً بهذا المرض، ولم تكن لتصل إلى ذلك لولا إرادتها ومساعدة عائلتها لها.   عندما كانت هبة بعمر خمس سنوات، التحقت بجمعية الحق في الحياة. كانت الجمعية الوحيدة التي تهتم بحالات متلازمة داون. هيأتها الجمعية في المرحلة الأولى للفصول الدراسية من خلال برامج تثقيفية وتوعوية للأطفال المتأخرين ذهنياً. في الجمعية اهتمّت بها مدرّستها نوال بن سعيد التي لازمتها في الفصل. كانت هبة تتابع مدرّستها جيدًا وتفهم أسلوبها في التدريس، وتعيد تطبيقه مع الأطفال الآخرين. تصف هبة هذه الفترة: "كنت مع المعلمة نوال دائماً. أساعدها في الدروس وأشرحها للأطفال داخل الصف. كما كنت أساعدها في تحضير الدروس للأيام المقبلة، وكنت أشعر برغبة كبيرة في تعلم المزيد وتطوير مهاراتي في التعليم خصوصاً". في سن التاسعة كانت منال بن سعيد مدرّستها التي شكلت نقطة التحول الأهم في حياتها. يومها استقبلتها وأولتها اهتماماً خاصاً بعد لمسها مواهبها ورغبتها الكبيرة في التعلم. تقول بن سعيد في تقرير نشرته صحيفة "العربي الجديد" اليوم : "اكتشفت في هبة مهارات أكاديمية، بالإضافة إلى حبها للقيادة في الصف. وحين كبرت وأصبحت في الرابعة عشرة، رفضت الانتقال إلى مرحلة ما قبل التعليم المهني، وأصرت على البقاء معنا من أجل التدريس". في بداية اتجاهها إلى التدريس، مرت هبة بمراحل صعبة جداً حتى وصلت إلى رتبة مساعدة مدرّسة اليوم. عانت في بعض المراحل من صعوبات كبيرة في الكتابة وتهجئة الكلمات، إلاّ أنها تحدت الصعوبات بإرادتها، حتى أصبحت تساعد زميلاتها الضعيفات في الكتابة أيضاً. بدورها، تقول هبة: "أكثر ما أحبه في المواد التي أدرّسها للأطفال هي اللغة العربية. كما أحب حفظ القصائد، وألقيها في المهرجانات والفعاليات التي تنظمها الجمعية".   تجدر الإشارة إلى وجود فروقات عقلية بين من لديهم متلازمة داون. فمنهم من لديه ذاكرة قوية جداً، ومنهم من يتمتع بذكاء عالٍ وسرعة بديهة، لكن مع قدرات محدودة في جوانب أخرى. مع ذلك، فالصفة الغالبة فيهم هي حبهم للآخرين وللحياة. تقول هبة: "أحببت التعليم منذ صغري. كبرت ووجدت كل الأجواء المساعدة لتطوير مهاراتي. اجتهدت حتى حققت حلمي. وهذا بفضل الله وأمي ومدرّستي".