نشر أخبار الجرائم مصدر جذب كبير لقراء وسائل الإعلام، إلا أنّ المبالغة في الأمر تخلق حالة سلبية في المجتمع، لكن بعضهم يؤيدها بحجّة التوعية والتحذير. فكيف يمكن التوفيق بين الإثارة والتنوير؟ أكدت استطلاعات الرأي أنّ معظم الناس يقرأون صفحات الحوادث، بغرض الاطلاع على حيل المجرمين مما يعلمهم كيفية حماية أنفسهم، أو من باب الفضول. ومن منظور أمني، يؤيد العقيد دكتور جاسم خليل ميرزا مدير إدارة التوعية الأمنية في شرطة دبي، على أهمية نشر الصحف للتحقيقات الجنائية وأخبار الحوادث من باب التوعية، ما قد يجعل الناس أكثر حذراً وحيطة. وهذا يسهم في إيصال رسالة الشرطة إلى الجمهور. ولكنه يعارض سياسة النشر بغرض الإثارة لأنّ ذلك قد يعطي صورة مبالغاً فيها عن حجم الجرائم المنتشرة في مجتمع ما، ما يؤدي إلى زعزعة الشعور بالأمن لدى أفراده. ووفق الدكتور فريدون محمد نجيب الخبير الأمني في مركز دعم اتخاذ القرار في شرطة دبي، هناك جوانب إيجابية للنشر تتمثل في تعريف الجمهور بما يُرتكب من جرائم، وبالتالي أخذ الحيطة وعدم الوقوع ضحية جرائم مشابهة، وتوعية الجمهور حول الأساليب الإجرامية المبتكرة وطرق النصب الحديثة بشكل عام، وأيضاً ردع من تسوّل له نفسه ارتكاب جرائم مماثلة، واتاحة الفرصة للناس لمساعدة الأجهزة على ضبط الجناة وملاحقتهم. أما الجوانب السلبية، فتتمثل في احتمال التشهير بأشخاص يتبيّن لاحقاً أنهم غير مذنبين، وهؤلاء يفترض أن يقف المجتمع معهم ويساندهم. كما أنّ بعض الصحف تتعمد الإثارة بقصد زيادة المبيعات. ونشر تفاصيل الجرائم يعد دروساً مستفادة للمجرمين يتعلمون من خلالها الأخطاء التي وقع فيها أقرانهم ممن تم القبض عليهم، فيأخذ المجرم احتياطه أثناء تنفيذ جريمته. ويرى اللواء مدحت قريطم أنّ نشر أخبار الجرائم والحوادث والتحقيقات يعدّ من واجبات الصحف، عملاً بمبدأ حق الجمهور في المعرفة‏، ولكن من دون المبالغة في الرأي ضد المتهم حتى لا يؤدي ذلك أحياناً إلى حرمانه من حقه في محاكمة عادلة، أو قد ينطوي ذلك على الإساءة إلى المتهم أو أسرته أو تعبئة الرأي العام ضده قبل صدور حكم القضاء‏. يوافق الكاتب عبد الله الشويخ على النشر، لكنّه يميّز بين النشر بهدف الإثارة، والنشر بهدف التوعية، موضحاً أنّ التوازن مطلوب وان كان لكل قضية أسلوب خاص للتعامل معها. ويتفق معه الكاتب محمود الحضري، فيما يرفض الكاتب بسام ضو نشر أخبار الجرائم عبر وسائل الإعلام، لأنّها تجعل الناس يتعودون على رؤية مشاهد الدم والقتل والإجرام. وترى الدكتورة نوال صالح أستاذة القانون في "جامعة العلوم الإبداعية" في الفجيرة أنه في علم الإجرام، تعتبر وسائل الإعلام أحد أسباب انتشار الجريمة، لأنّها تخلق نوعاً من المعرفة بكيفية ارتكاب الجرائم، وبالتالي فإنّ نشرها يعد درساً خصوصياً في كيفية ارتكاب الجرائم. ومن الناحية النفسية، يرى الاختصاصي النفسي عبد العزيز العساف أنّ النشر بشكل مبالغ فيه من شأنه خلق حالة من القلق لدى أفراد المجتمع. ولذلك يجب الاقتصار فيه على وصف الجرائم، وشرح مساوئ تلك الأفعال وما يترتب عليها من عقاب شديد، حتى يتنبه الناس إلى عواقب الجريمة، مع مراعاة عدم نشر الأخطاء التي ارتكبها المجرم وأدت إلى القبض عليه. هذا هو رأي الخبراء.. فما هو رأيك؟ شاركينا بمقترحاتك.