أكدت دراسة أميركية، أن طبيعة علاقة الفتاة إبان مرحلة الطفولة مع أبيها يمكن أن تحدد معالم شخصيتها مع دخولها مرحلة المراهقة ومن ثم النضج، حيث لاحظت الدراسة التي أعدها باحثون في جامعة “فاندربيلت” بولاية تينيسي في الولايات المتحدة، أن تطور شخصيات الفتيات تأثر تأثرا كبيرا بنوعية الدور الأبوي في تربيتهن مع دخولهن مرحلة النضج. فالفتيات اللواتي تربين في عائلات ينقصها الأب أو عائلات مشتتة ضعيفة التضامن بلغن مرحلة النضج مع كل مشاكلها، في وقت أقصر من الفتيات اللواتي نشأن في كنف عائلات متماسكة ومترابطة عاطفيا، ومع أن دور الأم كان مهماً في الحالتين كان لافتا جدا إسهام الأب أو غيابه في خلق الجو العائلي المحيط بالفتاة وبتبلور شخصيتها. مرحلة المراهقة من أكثر المراحل التي تحتاج فيها الفتاة إلى أن تكون قريبة من والدها، لأنها تكون نفسيا قد بدأت تتشكل كامرأة وتريد أن تتعرف على الجنس الآخر بشكل أعمق، ويكون أول من تصادف في حياتها من هذا الجنس هو الأب، ما يجعل علاقة الأب بابنته في تلك الفترة هامة جدا لأنها تتحكم في مدى توازنها النفسي. ولا يقتصر تأثر الابنة بأبيها على أمور محددة، بل ينسحب على الترابط الفكري والعاطفي، ويساهم إلى حد كبير في تكوين شخصيتها وثقتها بنفسها وفي توجّهاتها العلمية والعملية، إذ تظهر الدراسات والأبحاث الاجتماعية أن وجود الأب الإيجابي في حياة الفتاة يساهم في نجاحها سواء في حياتها العلمية والعملية أو الاجتماعية. كما أن غياب صورة الرجل المتمثلة بوجود الأب في حياة الفتاة ينعكس أيضا سلباً على تعاملها مع الجنس الآخر، حيث ستجد نفسها مرتبطة بأي شاب أو رجل تشعر بالأمان معه، وقد تتعلق به بدرجة غير طبيعية، محاولة بذلك التعويض عن صورة الأب المفقودة، وتوفير الأمان والحماية التي تحتاج إليهما، وهو ما قد يدفعها للقبول بعلاقة تسيء إليها. إذ يشكل الأب نواة صورة الرجل، والمرجع أو السلطة لها ولعائلتها بشكل عام، لذلك يقع على الأب مهمة أن يمد ابنته بخبراته ويكون صديقا لها، كون أن هذه العلاقة تعطي نوعا من التوازن النفسي لدى الفتاة فتكبر وهي متزنة نفسيا، كما تؤكد التجارب أن الفتاة صديقة والدها تصبح أكثر قدرة على مواجهة الحياة وأكثر ثقة في نفسها.