عائشة سيف المنصوري، مديرة "مركز أبوظبي لرعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة"، لم تتعامل مع وظيفتها كمهنة، بل تبنتها كقضية انسانية. تمضي وقتها مع أطفال التوحد والأطفال من ذوي الإعاقات لتتبادل الأحاديث معهم وتقرأ أفكارهم، وتغرس روح الأمل والتفاؤل في نفوسهم. هكذا رسمت لطلاب المركز مستقبلاً أكثر إشراقاً بعدما اتاحت لهم فرصة التعبير عما بداخلهم وتحقيق طموحاتهم. لمست عائشة المنصوري معاناة أطفال التوحد خلال السنوات التي عملت فيها في "مركز أبوظبي للتوحد" إلى أن تولت إدارة "مركز أبوظبي لرعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة" الذي يختص في خدمات الرعاية النفسية والاجتماعية والتعليمية، والتدريب المهني وخدمات التوظيف والمتابعة للطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة مختلفي الإعاقة. لذا لجأت إلى أكثر من وسيلة علمية علاجية صحية ونفسية. ولم يقتصر دورها على المهام الإدارية للمركز، بل توسع ليشمل شؤون الطلاب وتفهم احتياجاتهم كافة. تخصصت عائشة المنصوري في مجال مناهج وطرق تدريس رياض الأطفال من "جامعة كولورادو" في الولايات المتحدة، حيث حصلت على شهادتي البكالوريوس والماجستير. وحالياً، تطمح إلى استكمال دراستها العليا في مجال يخدم أطفال التوحد وذوي الاحتياجات الخاصة. "زهرة الخليج" التقت هذا الوجه الإماراتي المتميز، فتحدثت المنصوري عن تجاربها الثرية وخبراتها المتراكمة.   هل لك أن تحدثينا عن "مركز أبوظبي للتوحد"؟ تأسس المركز في العام 2000. يشمل عملي إدارة شؤون المركز والعمل على توفير بيئة ملائمة للأطفال والعاملين، إلى جانب التنسيق مع الجهات المعنية لإطلاق فعاليات وأنشطة تعليمية وعلاجية تصب في مصلحة أطفال التوحد. اخترتُ العمل في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة رغبةً مني في التعامل عن قرب مع هذه الفئة والتعرف إلى متطلّباتها، وركزت اهتمامي على أطفال التوحد لرغبتي في التعمق في هذا الاضطراب بهدف معرفة أسبابه الأولية والسعي نحو التعامل معه وإيجاد خطة العلاج المناسبة لكل حالة بقدر الإمكان.  تتولين حالياً منصب مديرة "مركز أبوظبي لرعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة"، إلى جانب الاهتمام بالأطفال والتعايش مع حالاتهم. ماذا أضافت لك هذه التجربة؟ اكتسبت مهارات عديدة. كما أن خبرتي في التعامل مع الأطفال تطورت بشكل كبير. أصبحت أدرك كيفية التعامل المثالي مع حالات الإعاقة بشكل عام، وحالات التوحد بشكل خاص. من خلال العمل، أحاول التعرّف إلى شخصية كل طالب وفهم مطالبه من خلال معرفة الطريقة المثلى للتواصل معه والتحدث إليه. تعتمد أغلب تلك الحالات على برنامج "بيكس" الذي يعني نظام التواصل التبادلي باستخدام الصور وتنمية لغة التواصل بشكل اللفظي أو غير لفظي. علامَ تقوم استراتيجية العمل في "مركز أبوظبي لرعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة"؟ سياسة المركز قائمة على تحقيق الرؤية أولاً، ورسالة المؤسسة ثانياً بعد اعتماد الخطة التشغيلية التي نعمل عليها. استراتيجية المركز تسعى إلى بذل أقصى الجهود لتقديم الخدمات التعليمية والعلاجية المساندة لذوي الاحتياجات الخاصة باتباع أفضل الممارسات العالمية في ميادين الرعاية والتأهيل، فضلاً عن دمجهم في المجتمع.  ما هي التحديات والعقبات التي واجهتك في العمل؟ توفير الخدمات اللازمة لكل حالة، فضلاً عن تدريب وتأهيل الأسر حول كيفية التعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة واضطراب التوحد تجنباً لأي خطأ يضرّ بالطفل. وقد تمت معالجة كل تلك الأمور بجهود مكثفة من إدارة المركز والمعنين بها والتعاون بين الأسر. اضطراب التوحد بحسب خبرتك في مجال التوحد، ما أهم أعراض هذا الاضطراب؟ قد تختلف أعراض اضطراب التوحد من حالة إلى أخرى، لكن هناك الأعراض الرئيسة المتفق عليها مثل قصور التفاعل والتواصل الاجتماعي (اللفظي وغير اللفظي)، إلى جانب اللعب التخيلي بمعنى أن يلعب الطفل بطريقة خيالية من دون وجود أي شخص يشاركه، كما أن ضعف التواصل البصري يصنَّف ضمن أعراض اضطراب التوحد، ورفرفة اليدين وترديد الكلام والضحك من دون سبب والصراخ... كل هذه الأمور تشير إلى اضطراب التوحد. هل تعتقدين أنّ هناك دراية كافية لدى الأهل حول اضطراب التوحد وأعراضه؟ لا أعتقد ذلك، لذا، فإنّ أهداف المركز وضع برامج ارشادية فردية واجتماعية وبرامج تدريبيبة للأسر، حتى يصبح أفراد المجتمع على دراية تامة بأعراض الاضطراب وأسبابه الأولوية. هل هناك برامج توعية مخصصة للأمهات باعتبارهن يتولين الدور الأساسي في رعاية الأبناء؟ بالطبع، هناك برامج تدريبية خاصة للأمهات، فضلاً عن مجالس أمهات أطفال التوحد حيث يتبادلن تجاربهن مع أطفالهن وكيفية مواجهة المشكلات التي يتعرضن لها. الزيارات المنزلية أيضاً تلعب دوراً كبيراً في تفعيل دور الأم وتأهيلها للقيام بدورها مع الأبناء الذين يعانون من مشكلات صحية أو إعاقات على أسس علمية سليمة.